أرشاك الأول ملك فرثية

هذه النسخة المستقرة، فحصت في 10 نوفمبر 2023. ثمة تعديل معلق واحد بانتظار المراجعة.

كان أرشاك الأول أول ملك على فرثية، امتد حكمه من 247 قبل الميلاد إلى 217 قبل الميلاد. أسس السلالة الأرشاكية التي حكمت فرثية وتكنت باسمه. أسس أرشاك، زعيم البارني، إحدى القبائل الثلاث التي شكلت اتحاد داهاي، سلالته في منتصف القرن الثالث قبل الميلاد عندما غزا مقاطعة فرثية (تتقاسمها تركمانستان وإيران اليوم) وأخذ السلطة من أندراغوراس، الذي تمرد على الإمبراطورية السلوقية. كرس أرشاك ما تبقى من عهده في تعزيز هيمنته على المنطقة، ونجح في إيقاف المساعي السلوقية لاستعادة فرثية. ونظرًا لإنجازات أرشاك، فقد أصبح شخصية مشهورة بين ملوك السلالة الأرشاكية، الذين استخدموا اسمه بمثابة تشريف ملكي. وكان أرشاك عند وفاته، قد وضع أسس دولة قوية، تحولت في النهاية إلى إمبراطورية تحت حكم خليفته من الجيل الرابع، مهرداد الأول، الذي اتخذ لقب ملك الملوك، لقبٌ ملكي قديم ظهر في الشرق الأدنى. تولى أرشاك الثاني الحكم خلفًا لوالده أرشاك الأول.[3]

أرشاك الأول ملك فرثية
المناصب
247 "ق.م" – 217 "ق.م"
→ أنطيوخوس الثانيTiridates (en) ترجم ←
247 "ق.م" – 211 "ق.م" – Arsaces II of Parthia (en) ترجم ← عدل القيمة على Wikidata
بيانات شخصية
الميلاد
تاريخ غير معروفالاطلاع ومراجعة البيانات على ويكي داتا
الوفاة
بلد المواطنة
الإقامة
الديانات
العائلة
الأبناء
بيانات أخرى
المهنة

تندر المصادر الأدبية التي تتحدث عن أرشاك، واحتكرت على روايات إغريقية ورومانية متناقضة، كُتبت بعد قرون من وفاته. ونتيجة لذلك، فإن عهده مجهول إلى حد ما. لدرجة أن الباحثين المعاصرين شككوا في وجوده، حتى جاءت الدراسات والاكتشافات الأثرية الجديدة التي أكدت هويته في ستينيات القرن العشرين.

أحداث سابقة لحكمه

عدل

تتباين المصادر المتعلقة بأرشاك تباينًا كبيرًا. ويأتي معظم ما يُعرف عنه من المصادر الإغريقية والرومانية، التي كانت مناوئة له ولسلالته بسبب الحروب الرومانية الفرثية اللاحقة. وفي التاريخ الوطني الإيراني، يُنسب أصله إلى العديد من الشخصيات الأسطورية، مثل كونه سليلٌ لكاي كوباد، أو كاي أراش، أو دارا بن هوماي، أو أراش، شخصية رامي السهام البطولية. يأتي ربط أرشاك بأراش من تشابه اسميهما وصور أرشاك التي تحاكي رامي السهام والمنقوشة على العملات التي سكها. ووفقًا للمؤرخ الروماني أميانوس مارسيليانوس، كان أرشاك شخصية خارجة عن القانون ذات مولد قليل الحظ، غزا فرثية واحتلها، مما أسفر عن مقتل الساتراب أندراغوراس، الذي أعلن مؤخرًا الاستقلال عن الإمبراطورية السلوقية الهلنستية.[4][5]

وكانت نظرية الجغرافي اليوناني سترابو من بين النظريات الأكثر قبولًا: فوفقًا له، كان أرشاك زعيمًا سكوثيًا أو باختريًا، ثم أصبح زعيمًا للبارني، إحدى القبائل الثلاث التي شكلت اتحاد داهاي في آسيا الوسطى. واعتمدت قوة الداهاي بالكامل على امتطاء الجياد، وبالتالي امتلكوا قوة ذات قابلية عالية للحركة والتنقل، مكنتهم من التراجع إلى جنوب بحر آرال عند تعرضهم للخطر. وبسبب هذا، واجهت الإمبراطوريات الأخرى صعوبات في مساعيها للسيطرة عليهم.[6]

استقر الداهاي في الأصل بين ضفاف نهر سيحون في القرن الرابع قبل الميلاد، لكنهم انتقلوا تدريجيًا نحو الجنوب، لربما في مطلع القرن الثالث قبل الميلاد. هاجروا بدايةً نحو الجنوب الشرقي إلى باختريا، ولكنهم طُردوا منها، فغيروا مسارهم غربًا. بدأوا بالاستقرار رويدًا رويدًا في فرثية، منطقة تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من بحر قزوين، وتتوافق تقريبًا مع إقليم خراسان الحالي في إيران وجنوب تركمانستان. وكانت المنطقة آنذاك تحت حكم السلوقيين. وبحلول عام 282/281 قبل الميلاد، خضعت فرثية لسطوة البارنيين. ولم يتفرد البارنيون بالهجرة إلى فرثية، حيث كانت المنطقة تستقبل باستمرار موجات جديدة من المهاجرين الإيرانيين من الشمال.[7][8]

كانت قبيلة البارني قبيلة إيرانية شرقية تتبع الدين الوثني الإيراني. بيد أنه بحلول منتصف القرن الثالث قبل الميلاد، اندمجوا ضمن الثقافة الفرثية المحلية؛ اعتمدوا اللغة الفرثية، لغة شمال غرب إيران، وأصبحوا من أتباع الديانة الزرادشتية، حتى أنهم أطلقوا على أنفسهم أسماء زرادشتية، كوالد أرشاك، فريابيتس، الذي اشتق اسمه من اللغة الأوستية، فريا بيتا («الأب العاشق»). ومن المحتمل أن أرشاك نفسه قد ولد ونشأ في فرثية، ويتحدث اللغة الفرثية. ووفقًا للمؤرخ الفرنسي جيروم غاسلين، من المحتمل أن يكون أرشاك قد أمضى معظم حياته في الأراضي السلوقية، ولربما كان ينتمي إلى النخبة المحلية في فرثية.[7]

كثيرًا ما خدم الداهاي بصفتهم رماة سهام خيالة في جيوش الحكام الإغريق، بدءًا من الإسكندر الأكبر المقدوني (حكم من 336 إلى 323 قبل الميلاد) وصولًا إلى السلوقي أنطيوخوس الثالث الأعظم (حكم من 222 إلى 187 قبل الميلاد). وهذا يعني أن أرشاك، الذي يوصف في السجلات الكلاسيكية بأنه «جندي ذو خبرة»، كان على الأرجح من المرتزقة في عهد الحكام السلوقيين أو قادتهم.[9]

عهده

عدل

تبوؤ الحكم والحروب

عدل

في نحو عام 250 قبل الميلاد، استولى أرشاك وأتباعه البارنيون على قوتشان، التي تقع بالقرب من وادي أترك. وبعد بضع سنوات، لربما في نحو عام 247 قبل الميلاد، توج أرشاك ملكًا في آشاك، المدينة التي أسسها، والتي باتت المقبرة الملكية الأرشاكية. ويُفترض عمومًا أن تتويجه في آشاك يمثل بداية السلالة الأرشاكية.[10] وفي نحو عام 245 قبل الميلاد، أعلن أندراغوراس، حاكم مقاطعة فرثية السلوقية، استقلاله عن الملك السلوقي سلوقس الثاني كالينيكوس (حكم من 146 إلى 225 قبل الميلاد)، وجعل منها مملكة مستقلة. وبعد انفصال فرثية عن الإمبراطورية السلوقية وما نتج عن ذلك من خسارةٍ للدعم العسكري السلوقي، واجه أندراغوراس صعوبة في الدفاع عن حدوده، وفي نحو 238 قبل الميلاد - تحت قيادة أرشاك وشقيقه تيرداد الأول، غزا البارنيون فرثية وسلبوا أستابين (أستاوا) من أندراغوراس، وتحديدًا الجزء الشمالي من تلك المنطقة، التي كانت قوتشان عاصمتها الإدارية.[11]

وبعد فترة وجيزة، سلب البارنيون بقية فرثية من أندراغوراس، الذي قُتل خلال هذه العملية. وبغزو الإقليم، أصبح الأرشاكيون معروفين باسم الفرثيين في المصادر اليونانية والرومانية. استُخدم هذا المصطلح باستمرار من قِبل المؤلفين الغربيين المعاصرين أيضًا، لكن، وفقًا للمؤرخ المعاصر ستيفان آر. هاوزر، «فيجب التخلي عنه لأنه ينقل فكرة خاطئة عن طبقة حاكمة اثنية داخل مجتمع متعدد الإثنيات واللغات». وسرعان ما احتل البارنيون أيضًا منطقة هيركانيا المجاورة. وشن السلوقيون بقيادة سلوقس الثاني في 228 قبل الميلاد حملة عسكرية لمحاولة استرداد هذه المناطق، فشكلت حملتهم صعوبات أمام أرشاك، الذي كان، بالتزامن مع ذلك، في حالة حرب مع الحاكم الإغريقي الباختري ديودوتس الثاني (حكم من 239 إلى 220 قبل الميلاد). وبهدف تجنب القتال على جبهتين، أبرم أرشاك معاهدة سلام مع ديودوتس الثاني.[12]

بيد أنه لم يتمكن من إيقاف الحملة السلوقية واضطر إلى مغادرة فرثية والتوجه إلى آسيا الوسطى، حيث لجأ إلى شعب الأباسيكي. لم يدم الغزو السلوقي طويلًا؛ أُجبر سلوقس الثاني على مغادرة فرثية بسبب مشاكل دائرة في الأجزاء الغربية من الإمبراطورية السلوقية، مما منح أرشاك الفرصة لاستعادة أراضيه المفقودة، وعلى الأرجح توسيع هيمنته جنوبًا أيضًا. وفي الواقع، لربما كان انسحاب أرشاك لعند الأباسيكي خطوة استراتيجية، بما أن سلوقس الثاني لم يمتلك الموارد اللازمة لملاحقته ولا الوقت لإبرام معاهدة سلام. أبرم أرشاك أيضًا تحالفًا مع الإغريق الباختريين، مما يؤكد أن الاتصال بين القوتين قد تحقق على الأرجح منذ فترة طويلة. ووفقًا للمؤرخ الروماني جاستن، فإن أرشاك «نظم الحكومة الفرثية، وجند القوات العسكرية، وشيد الحصون، وعزز مدنه». وعدا عن آشاك، فقد أسس مدينة دارا أيضًا في جبل زابارتينون، إحدى المناطق في فرثية. استُخدمت نيسا، التي أسسها أرشاك أيضًا، مقر إقامة ملكي للأرشاكيين حتى القرن الأول قبل الميلاد.[10]

خليفته

عدل

ظل خط خلافة أرشاك، وإلى حد ما صحة الوقائع التاريخية المتعلقة به، غير واضح على مدار فترة طويلة. كان جان فوي - فايان الباحث الذي طرح في 1725 الرواية المستنكرة اليوم عن تأسيس السلالة الأرشاكية على يد أرشاك وشقيقه تيرداد، اللذان قادا البارنيين في الثورة معًا. واعتقد هو وأجيال من الباحثين أنه بعد وفاة أرشاك، خلفه تيرداد ملكًا على السلالة الأرشاكية. أدت هذه الاعتقادات إلى تشكل بعضٍ من النظريات المختلفة، بما فيها تلك التي اعتبرت أرشاك شخصية أسطورية، بينما نسبت تأسيس السلالة الأرشاكية إلى تيرداد.[13]

وبين عامي 1957 و1962، نشر جوزيف ولسكي سلسلة من المقالات ذات وجهة نظر معاكسة: فقد اعتبر أرشاك المؤسس الفعلي للسلالة الأرشاكية، وتيرداد شخصية أسطورية. دعم معظم الباحثين هذه النظرية منذ ذلك الحين - مع اختلافات طفيفة - حتى جاء تأكيدها من خلال اكتشاف شقفة أثرية في نيسا تحمل اسم أرشاك. علاوة على ذلك، أدت المعلومات الخاصة بالمسكوكات والتحليل الحديث للمصادر إلى استنتاج مفاده أن شخصية تيرداد خيالية بالفعل، وأن أرشاك استمر في الحكم حتى وفاته عام 217 قبل الميلاد، ليخلفه نجله أرشاك الثاني.[14]

المراجع

عدل
  1. ^ مذكور في: list of Parthian kings.
  2. ^ وصلة مرجع: http://www.britannica.com/EBchecked/topic/1349777/Arsaces.
  3. ^ Kia 2016، صفحة xxxiv.
  4. ^ Curtis 2007، صفحة 7.
  5. ^ Dąbrowa 2012، صفحة 168.
  6. ^ Axworthy 2008، صفحة 32.
  7. ^ ا ب Gaslain 2016، صفحة 4.
  8. ^ Ghodrat-Dizaji 2016، صفحة 42.
  9. ^ Olbrycht 2021، صفحة 165.
  10. ^ ا ب Dąbrowa 2012، صفحة 179-180.
  11. ^ Bickerman 1983، صفحة 19.
  12. ^ Hauser 2013، صفحة 730.
  13. ^ Bivar 1983، صفحة 30.
  14. ^ Dąbrowa 2012، صفحة 169.