الحملات العثمانية على المغرب الأقصى

شنت الدولة العثمانية حملات عديدة على الدولة السعدية في القرن السادس عشر.

الحملات العثمانية على فاس
منمنة عثمانيَّة تصور معركة الركن وسقوط فاس عام 1576 على يد رمضان باي
معلومات عامة
التاريخ يناير 1554 - مارس 1576
الموقع مملكة فاس، الدولة السعدية
النتيجة
  • اعتراف صوري ظرفي ومؤقت بالسيادة العثمانية بعد تعيين حكام موالين لهم.[1][2][3][4][5][6][7]
المتحاربون
حملة 1554 الدولة السعدية
القادة
علي أبو حسون
عبد الملك الأول السعدي
سليمان القانوني
مراد الثالث
صالح ريس
رمضان باي
محمد الشيخ
محمد المتوكل

التحالف الوطاسي العثماني

عدل

خلفية

عدل

لم تكن بلاد المغرب موحدةً في أوائل القرن السادس عشر تحت سلالة واحدة، وكان الوطاسيون والسعديون أعداءً، مما أدى إلى سعي الوطاسيين للحصول على مساعدة عسكرية من العثمانيين.

مرحلة التبعية الأولى

عدل

اعترف علي أبو حسون، حاكم الوطاسيين في شمال المغرب، بالسلطة الكاملة للسلطان العثماني، وأرسل له بذلك وأعلن نفسه تابعًا عثمانيًا، مما أضفى على فاس صفة التبعية.[7][8][9][10] لم يتمكن العثمانيون لاحقًا في عام 1549 من التدخل عسكريًا عندما خسر الوطاسيون فاس لمنافسيهم السعديين بقيادة محمد الشيخ.[8]

مرحلة التبعية الثانية

عدل

سقطت فاس في عام 1554 في يد العثمانيين نتيجة تحالف أبي حسون معهم. كانت قوات أمير البحر العثماني صالح ريس تتألف من 4000 جندي بينما كانت قوات محمد الشيخ تزيد عن 20000، فكان جيش الشيخ خمسة أمثال جيش صالح ريس وذلك وفقًا للدبلوماسي لويس دو شينييه [الفرنسية].[11] بينما ذكر إرنست ميرسييه أن عدد قوات صالح ريس بلغ أحد عشر ألف رجل بينما بلغ عدد قوات الشيخ أربعين ألفًا.[12] تمكن صالح ريس من هزيمة السعديين واحتلال فاس، وتنصيب الحاكم الوطاسي أبو حسون على العرش تابعًا للعثمانيين.[13]

النتائج

عدل

بقيت القوات العثمانية المكونة من -الأتراك العثمانيين والبربر التابعين لإمارة كوكو- في فاس لمدة أربعة أشهر ضايقت فيها السكان حتى تفاوض علي أبو حسون مع القوات العثمانية على انسحابها، وقد أكد صالح ريس عند انسحابه من فاس لحاكم السعديين أنه لن يقدم أي مساعدة إضافية لعدوه علي أبي حسون.[11] استأجر علي أبو حسون بعد ذلك مرتزقة لجيشه الخاص. ومع ذلك، هُزم الوطاسيون في معركة تادلة بعد أن فقدوا دعم القوات العثمانية، وعادت فاس للسعديين.[14]

سقوط فاس 1576

عدل

خلفية

عدل
 
السلطان العثماني مراد الثالث.

بعد أن اغتال العثمانيون محمد الشيخ حاكم السعديين، فر ابنه عبد الملك وأخوه من المغرب. وأصبح عبد الملك موثوقًا في المؤسسة العثمانية في تلك الفترة التي قضاها خارج المغرب. وافق مراد الثالث على اقتراح قدمه عبد الملك بجعل المغرب الأقصى تحت التبعية العثمانية مقابل دعم مراد له في الحصول على عرش السعديين،[15] ثم أمر مراد الثالث والي إيالة الجزائر رمضان باي بغزو المغرب وتنصيب عبد الملك على العرش تابعًا عثمانيًا، وتحركت الحملة من الجزائر.[16][17]

معركة الركن

عدل

وصل رمضان باي إلى فاس مع عبد الملك والجيش العثماني، وسقطت فاس بسهولة، ففر حاكم السعديين محمد المتوكل إلى مراكش،[18] ولكن سقطت بعد ذلك مراكش أيضًا. تولى عبد الملك بعد ذلك حكم المغرب معترفًا بسيادة العثمانيين،[19][20][5][6][17][21] ودعُي لمراد على المنابر في صلاة الجمعة ووُضع على العملة وهما علامتان تقليديتان للسيادة في العالم الإسلامي.[22] أرسل عبد الملك القوات العثمانية إلى الجزائر مقابل الذهب واقترح مفهومًا أكثر مرونة للتبعية مما قد يكون السلطان العثماني مراد الثالث قد توقعه.[23][24] اعترف عبد الملك الأول السعدي بنفسه تابعًا للباب العالي، ويُعتبر عهد عبد الملك (1576-1578) فترة تبعية المغرب الأقصى للإمبراطورية العثمانية.[19][20] بينما تورد مصادر أخرى أنه فور انسحاب الانكشارية من أراضي الدولة السعدية تراجع عبد الملك عن ما وعده للعثمانيين من تبعية اسمية واعتراف بخلافتهم.[25]

النتائج

عدل

تلقى عبد الملك بعد الانتصار خطابًا أبويًا من مراد الثالث هنأه فيها، لكنه عبر عن خيبة أمله في المهمة غير المكتملة، حيث إن الحاكم المخلوع محمد المتوكل بقي على قيد الحياة.[26] كان عبد الملك أول حاكم سعدي يكسر التقليد بعدم الدخول في علاقة ولاء مع كيان آخر، حيث وصف نفسه في رسائله بأنه "عبد للباب العالي".[27][28] وقد استعان بفرقة من المستشارين الأتراك لإعادة تشكيل جيشه وفق النمط العثماني.

خاض عبد الملك في عام 1578 معركة وادي المخازن ضد الإمبراطورية البرتغالية ولقي فيها حتفه. ومع ذلك انتهت المعركة بانتصار هائل للسعديين، وقد خلفه أخوه أحمد المنصور الذهبي الذي اعترف رسميًا بسيادة السلطان العثماني في بداية حكمه بحكم الأمر الواقع مع بقائه مستقلًا فعليًا. ولكن توقف أحمد عن سك العملات باسم مراد، وأسقط اسمه من الخطبة، وأعلن استقلاله الكامل في عام 1582.[29][30]

أقنع بكلربك الجزائر بعد ذلك مراد الثالث بالسماح بشن هجوم على المغرب، فأرسل أحمد سفارة محملة بهدايا كبيرة إلى القسطنطينية، على أمل أن يقوم مراد الثالث بإلغاء الهجوم.[31] دفع المغاربة جزية تزيد عن 100,000 قطعة ذهبية ووافقوا على إظهار الاحترام للسلطان العثماني، مقابل تركهم دون تدخل رسمي،[32] واتفقوا على معاهدة اعتراف متبادل وحافظوا على علاقات سلمية. كان أحمد يرسل هدية سنوية إلى إسطنبول، والتي كان العثمانيون يعتبرونها جزية تعترف بتفوقهم، بينما كان السعديون يرونها وسيلة لتكريم العثمانيين لدفاعهم عن أراضي المسلمين.[33]

مراجع

عدل
  1. ^ اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع مولد تلقائيا2
  2. ^ Barletta, Vincent (15 May 2010). Death in Babylon: Alexander the Great and Iberian Empire in the Muslim Orient: Pages 82 and 104 (بالإنجليزية). University of Chicago Press. p. 82. ISBN:978-0-226-03739-4. Archived from the original on 2023-01-23.
  3. ^ Langues et littératures, Volume 1 Faculté des lettres et des sciences humaines نسخة محفوظة 2024-03-07 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ La bataille de l'Oued el-Makhâzen: dite bataille des Trois Rois (4 aout 1578) Pierre Berthier Editions du Centre national de la recherche scientifique, 1985
  5. ^ ا ب La Kalaa des Béni Abbès au XVIe siècle. p.276. Youssef Benoudjit Dahlab, 1997 نسخة محفوظة 2023-06-02 على موقع واي باك مشين.
  6. ^ ا ب Islam et Occident méditerranéen: de la conquête aux Ottomans p.289 - Comité des travaux historiques et scientifiques
  7. ^ ا ب The Appearance of Vassal States and “Suzerainty” in the Ottoman Empire:The Case of Wallachia and Moldavia - Mayuzumi Akitsu نسخة محفوظة 2023-02-22 على موقع واي باك مشين.
  8. ^ ا ب Jamil M. Abun-Nasr (20 August 1987). A History of the Maghrib in the Islamic Period. Cambridge University Press. p.156. (ردمك 978-0-521-33767-0). نسخة محفوظة 2023-05-22 على موقع واي باك مشين.
  9. ^ Ahmad Al-Mansur: Islamic Visionary - p.11 Richard Lee Smith Pearson Longman, نسخة محفوظة 2024-03-07 على موقع واي باك مشين.
  10. ^ The Last Great Muslim Empires. p.103. By H. J. Kissling, Bertold Spuler, N. Barbour, J. S. Trimingham, H. Braun, H. Hartel نسخة محفوظة 2023-11-11 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ ا ب The Present State of the Empire of Morocco. Its Animals, Products, Climate, Soil, Cities, Ports, Provinces, Coins, Weights, and Measures. With the Language, Religion, Laws, Manners, Customs, and Character, of the Moors; the History of the Dynasties Since Edris; the Naval Force and Commerce of Morocco; and the Character, Conduct, and Views, Political and Commercial, of the Reigning Emperor. Translated from the French of M. Chenier. Vol. 1. [-2.], Volume 2 نسخة محفوظة 2023-10-09 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ Mercier, Ernest (1891). Histoire de l'Afrique septentrionale (Berbérie) depuis les temps les plus reculés jusqu'à la conquête française (1930) (in French). Ernest Leroux
  13. ^ Page 406, The Cambridge History of Africa, Vol. 3: c. 1050-c. 1600 (Volume 3)
  14. ^ Page 406-407, The Cambridge History of Africa, Vol. 3: c. 1050-c. 1600 (Volume 3)
  15. ^ Akyeampong, Emmanuel Kwaku; Jr, Professor Henry Louis Gates (2012-02-02). Dictionary of African Biography. Oxford University Press. p. 23. (ردمك 978-0-19-538207-5). نسخة محفوظة 2023-05-26 على موقع واي باك مشين.
  16. ^ The Cambridge History of Africa, Volume 3 - J. D. Fage: Pg 408 نسخة محفوظة 2023-05-27 على موقع واي باك مشين.
  17. ^ ا ب Hess, Andrew (1978). The Forgotten Frontier : A History of the Sixteenth-Century Ibero-African Frontier. University of Chicago Press. (ردمك 978-0-226-33031-0) نسخة محفوظة 2023-04-05 على موقع واي باك مشين.
  18. ^ اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع مولد تلقائيا1
  19. ^ ا ب Barletta, Vincent (15 May 2010). Death in Babylon: Alexander the Great and Iberian Empire in the Muslim Orient: Pages 82 and 104 (بالإنجليزية). University of Chicago Press. p. 82. ISBN:978-0-226-03739-4. Archived from the original on 2023-01-23.
  20. ^ ا ب Langues et littératures, Volume 1Faculté des lettres et des sciences humaines نسخة محفوظة 2024-03-07 على موقع واي باك مشين.
  21. ^ A Struggle for the Sahara:Idrīs ibn ‘Alī’s Embassy toAḥmad al-Manṣūr in the Context ofBorno-Morocco-Ottoman Relations, 1577-1583  Rémi Dewière Université de Paris Panthéon Sorbonne نسخة محفوظة 2024-07-25 على موقع واي باك مشين.
  22. ^ Page 67, Ottoman Empire and Islamic Tradition, By Norman Itzkowitz نسخة محفوظة 2023-04-06 على موقع واي باك مشين.
  23. ^ Page 409, The Cambridge History of Africa, Vol. 3: c. 1050-c. 1600 (Volume 3)
  24. ^ Akyeampong, Emmanuel Kwaku; Jr, Professor Henry Louis Gates (2012-02-02). Dictionary of African Biography. Oxford University Press. p. 23. (ردمك 978-0-19-538207-5).
  25. ^ Pierre Boyer, « Contribution à l'étude de la politique religieuse des Turcs dans la Régence d'Alger (قالب:Sp-) », في Revue de l'Occident musulman et de la Méditerranée, vol. 1, no 1, 1966, ص.  11–49 [النص الكامل, lien DOI (pages consultées le 2017-12-09)] 
  26. ^ Page 266: Roads to Ruin: The War for Morocco in the Sixteenth Century By Comer Plummer III
  27. ^ Page 111: Death in Babylon: Alexander the Great and Iberian Empire in the Muslim Orient By Vincent Barletta
  28. ^ Page 240: Roads to Ruin: The War for Morocco in the Sixteenth Century By Comer Plummer III
  29. ^ Rivet, Daniel (2012). Histoire du Maroc: de Moulay Idrîs à Mohammed VI. Fayard
  30. ^ A Struggle for the Sahara:Idrīs ibn ‘Alī’s Embassy to Aḥmad al-Manṣūr in the Context of Borno-Morocco-Ottoman Relations, 1577-1583 Rémi Dewière Université de Paris Panthéon Sorbonne نسخة محفوظة 2023-10-30 على موقع واي باك مشين.
  31. ^ Page 64: Reviving the Islamic Caliphate in Early Morocco
  32. ^ Ahmad al-Mansur: Islamic Visionary By Richard L. Smith
  33. ^ Page 65: Reviving the Islamic Caliphate in Early Morocco