مماليك الشركس

سلالة من المماليك أصلها من الشركس
(بالتحويل من المماليك الجراكسة)

المماليك الشركس أو المماليك البرجية أو مماليك البرج أو مماليك الحصن، هم عبارة عن لواء (من المماليك) كان مقيما في القلعة منذ جنده قلاوون منذ ما يقرب من مائة عام على وصولهم للحكم 1382 م 784 هـ. وبدأ الحكم بالظاهر برقوق. وانتهى بالأشرف طومان باي الذي هزمه العثمانيون في معركة الريدانية وأُعدم شنقا بباب زويلة سنة 923 هـ الذي يوافق 1517م.[1]

مئذنة جامع السلطان برقوق مؤسس الدوله البرجيه.

الدولة المملوكية البرجية ، أو الدولة المملوكية الشركسية (أو الجركسية)، هي الفرع الثاني للدولة المملوكية في مصر، بدأت بعد الدولة المملوكية البحرية بعد سلطنة الظاهر برقوق أول سلاطين الدولة البرجية في مصر التي استمرت من عام 1382 حتى فتح الدولة العثمانية لمصر عام 1517م. تسببت تمردات الشام وكثرة غارات العربان واعتداءاتهم على القرى المصرية وبالتالي تدمير البنية الزراعية في مصر والنزاعات بين الأمراء في إضعاف الدولة. آخر السلاطين البرجية كان السلطان الأشرف طومان باي.

التسمية

عدل

سُميت بالدولة البرجية لأن مماليكها كانوا يسكنون أبراج قلعة الجبل لكن هناك رأي آخر يقول أن أبراج القلعة كانت للحراسة وليست للسكن وكانوا ينتسبون لقبيلة «برج» الشركسية التي يقال أن السلطان المنصور قلاوون - الذي كان من المماليك البحرية - كان في الأصل منها. وتُسمى شركسية - أو جركسية - لأن مماليكها كانوا من الشركس سكان المرتفعات الجنوبية في بلاد القبجاق، وهذه منطقة ما بين البحر الأسود وبحر قزوين. كانت تُأسر منهم أعداد كبيرة وقت الغارات والحروب، واشترى السلطان قلاوون أعداداً كبيرة منهم وأسكنهم في قلعة الجبل حتى يبعدهم عن المماليك التركيين (تركيين بمعنى عام وليسوا أتراك تركيا)، وأعطى مناصب لعدد منهم مثل «السلحدارية» (ماسك السلاح) و«الجقمقدارية» (المسؤول عن ملابس السلطان)، «الجاشنكيرية» (ذواق طعام السلطان) و«الأوشاقية» (مسؤول ركوب السلطان للأحصنة للمتعة والرياضة). استخدام تسمية «البرجية» أصح من «الشركسية» لأن من جهة لفظ شركسية يشير لجنس وليس لنظام سياسة، ومن جهة أخرى هناك سلاطين من أصول شركسية حكموا في فترة دولة المماليك البحرية.

سلاطين الدولة

عدل
 
جامع المؤيد في القاهرة تحفة عمرانية من انجازات الدولة البرجية.

حكم الدولة البرجية خمسة وعشرون سلطانا، من ضمنهم الخليفة العباسي المستعين بالله العباس والظاهر قانصوه الأشرفي الذي حكم ثلاثة أيام فقط.

تميز عصر الدولة المملوكية البرجية بتولي عدد كبير من الأطفال للسلطنة وكان أصغرهم المظفر أحمد بن شيخ الذي بلغ من العمر أقل من سنتين. تُسمى الفترة التي جلس فيها الأطفال على العرش فترة حكم الأوصياء، وتميز أيضاً بحدوث تمردات كثيرة في الشام التي ظلت عبئاً على مصر والدولة المملوكية، وكانت حصيلتها استنزاف مصر وإضعاف الدولة المملوكية وإيصالها لنهايتها بعدما استولى العثمانيون بالخيانات والمؤامرات على الشام عام 1516 م وعلى مصر ذاتها بعد عام واحد.

لم يكن لسلاطين الدولة البرجية بوجهٍ عامٍ نفوذٌ مطلقٌ فكانوا يتعرضون للخلع، وكان المماليك يتمردون عليهم من وقت لآخر ويحاصرون القلعة ويهددون السلطان، حتى عندما كان يضطر السلطان للهرب كما حدث للسلطان احمد بن اينال والسلطان الظاهر قانصوه الأشرفي. معظم السلاطين المعزولين كانوا أطفالاً يوصي أباؤهم السلاطين قبل وفاتهم لهم بالسلطنة، فكان هؤلاء الأطفال السلاطين مجرد دمى في أيدي الأوصياء، والوصي في العادة كان الأتابك وكان يقوى مركزه ويأخذ الأمراء في صفه ويستولي على السلطة الفعلية، ويظل يرتب وينظم أوضاعه حتى يتمكن من خلع السلطان الطفل كما حدث مع السلطان «جمال الدين يوسف بن برسباي».

كانت العادة أن كل سلطان جديد كان يقوى مركزه ويثبت نفسه على العرش عن طريق الإغداق على رجال الدولة وخاصةً أنصاره بالمنح والهدايا والإقطاعات و«نفقة البيعة» التي كانت نقود تُصرف على رجال الجيش، كلٌ حسب رتبته.

الخليفة العباسي في القاهرة كان ضروريا حيث كان يعطي الموافقة للسلطان وبالتالي شرعية الحكم، لكن رغم ذلك كان الخليفة مجرد صورة يتحكم بها السلطان يستطيع إبقائه أو عزله وقتما يريد، فقد عزل السلطان الظاهر سيف الدين برقوق الخليفة «المتوكل على الله» وعين مكانه «الواثق بالله» والسلطان «إينال» عزل الخليفة العباسي حمزة القائم بأمر الله وسجنه.

كان للدولة المملوكية البرجية لها إنجازات ثقافية وعمرانية فلها ينتمي المؤرخين ابن تغرى وابن إياس، ويعتبر جامع المؤيد الذي بناه السلطان المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي من أجمل آثار القاهرة التي ترجع لعصر الدولة البرجية.

التحديات

عدل

التحديات العسكرية التي واجهت دولة المماليك البحرية كانت أضخم بكثير من التحديات التي واجهتها دولة المماليك البرجية، فالبحرية حاربوا بنجاح الصليبيين والمغول في نفس الوقت، وظهر منهم قادة كبار مثل الظاهر بيبرس وسيف الدين قطز والمنصور قلاوون والأشرف خليل والناصر محمد بن قلاوون. شهدت بداية حكم البرجيين تهديدات من المغول بقيادة تيمورلنك لكن كانت الدولة ما تزال قوية واستطاع الظاهر برقوق أن يواجه الموقف ويجعل تيمورلنك يخشى مواجهة الدولة المملوكية.

خرج من بين الخمسة والعشرين سلطاناً برجياً تسعة سلاطين امتازوا بالقوة على مدار 130 عاماً وهم:-

الستة عشر سلطاناً الآخرين حكموا حوالى تسعة أعوام فقط وهم: الخليفة العباسي العباس المستعين بالله والمظفر أحمد بن شيخ وسيف الدين ططر والصالح محمد والعزيز يوسف والمنصور عثمان والمؤيد أحمد والظاهر بلباي والظاهر تمر بغا وأبو السعادات محمد والظاهر قانصوه الأشرفي والعادل طومان باي والأشرف طومان باى.

كان السلطان الأشرف برسباى من السلاطين البرجية الأقوياء، فغزا قبرص ودمر مدنها كانتقام للحملة الصليبية على الإسكندرية التي قام بها ملك قبرص بيير دو لوزينان (بالفرنسية: Pierre de Lusignan)‏ عام 1365م، ولكن مع تفشي تمردات ومؤامرات الشام وتنافس الأمراء وغارات العربان على القرى المصرية ضعفت الدولة البرجية، وتُعرف تلك الفترة التي تبدأ بالسلطان الناصر ناصر الدين محمد بن قايتباي من عام 1496م بفترة سلاطين الضعف والفوضى.

فترة الضعف والفوضى

عدل

بعدما توسعت الإمبراطورية المملوكية وأصبحت قوة تُهاب من الشرق والغرب بدأت في التدهور، ففترة حكم الناصر محمد بن قايتباي اتسمت بالضعف والاضطراب وفترة حكم الظاهر قانصوه الأشرفي الذي خلفه زادت التمردات والنزاعات بين الأمراء حتى وصل لدرجة أن الظاهر قانصوه الأشرفي تآمر مع الأمراء على قتل ابن أخته «الناصر محمد بن قايتباي» وحكم بعده ثم تآمر عليه الأمراء حتى عزلوه هو الآخر ونصبوا الأتابك الأشرف جان بلاط ثم العادل طومان باي وقانصوه الغوري، وكان هذا أثناء بروز الدولة العثمانية في آسيا الصغرى، فهاجموا الشام التي كانت تابعة لمصر واستطاعوا فتحها بسبب قدراتهم العسكرية من جهة، والخيانات والمؤامرات التي كانت تحدث هناك من جهة أخرى، وكانت الشام في فترة الدولة البرجية تمثل عبءاً على مصر بسبب مشاكلها وتمرداتها ومؤامراتها وضعفها في مواجهة القوى الخارجية.

غزا العثمانيون الشام وكالعادة خرج الجيش المصري لحماية الشام كما كان يحميها من المغول والصليبيين على مر العصور الوسطى لكن في هذه المرة فشل قانصوه الغوري في منع قوات العثمانيين، واستنزف الجيش المصري في معركة مرج دابق دفاعاً عن الشام ومات من الصدمة وقت المعركة وتولى طومان باي الحكم وفعل كل ما يستطيع كي يحافظ على مصر التي تبدد جيشها في الشام وجمع ما يستطيع من بقايا الجيش وحارب بجيش صغير للغاية ليمنع دخول الجيوش العثمانية مصر، لكنه تعرض للخيانة بعدما غدر به شيخ من العربان ودل العثمانيين على مكانه، فقبضوا عليه وأعدموه، وبذلك انتهت الدولة البرجية والدولة المملوكية بصفة عامة.

دون ابن إياس قصيدة شعرية مؤثرة عن سقوط الدولة المملوكية بعد فتح العثمانيين لمصر، يقول مطلعها:

  نوحوا على مصر لأمر قد جرى .:. من حادث عمت مصيبته الورى  

سلاطين الدولة المملوكية البرجية

عدل
   الحاكم  الحياة  الحكم
1الظاهر سيف الدين برقوق بن أنس اليبغاوى  ....-....   1382-1399 
2الناصر فرج بن برقوق  ....-....   1399-1405 
3المنصور عبد العزيز بن برقوق  ....-....   1405-1405 
2-2الناصر فرج بن برقوق  ....-1412   1405-1412 
أبو الفضل العباس المستعين بالله  1390-1430   1412-1413 
4المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي  ....-1412   1413-1421 
5المظفر أحمد بن الشيخ  ....-....   1421-1421 
6الظاهر سيف الدين ططر  ....-....   1421-1421 
7الصالح ناصر الدين محمد بن ططر  ....-....   1421-1422 
7الأشرف أبو النصر برسباي  ....-....   825هـ (1422م) 
8الأشرف سيف الدين برسباي  ....-....   1422-1438 
9العزيز جمال الدين يوسف بن برسباي  ....-....   1438-1438 
10الظاهر سيف الدين جقمق  ....-....   1438-1453 
11المنصور فخر الدين عثمان بن جقمق  ....-....   1453-1453 
12الأشرف سيف الدين إينال العلائي  ....-....   1453-1460 
13المؤيد شهاب الدين أحمد بن إينال  ....-....   1460-1460 
14الظاهر سيف الدين خشقدم  ....-....   1460-1467 
15الظاهر سيف الدين بلباي المؤيدي  ....-....   1467-1468 
16الظاهر تمر بغا الرومي  ....-....   1468-1468 
17الأشرف سيف الدين قايتباي  ....-....   1468-1496 
18الناصر محمد بن قايتباي  ....-....   1496-1497 
19الظاهر قانصوه  ....-....   1497-1497 
18-2الناصر محمد بن قايتباي  ....-....   1497-1498 
20الظاهر قانصوه الأشرفي  ....-....   1498-1500 
21الأشرف جان بلاط  ....-....   1500-1501 
22العادل طومان باي  ....-....   1501-1501 
23 الأشرف قانصوه الغوري  1446-1516   1501-1516 
24الأشرف طومان باي  ....-....   1516-1517 

المراجع

عدل
  1. ^ قيام دولة المماليك، عهد المماليك الربجية.كتاب أطلس التاريخ الحديث صـ6 الجزء الثالث
  • ابن إياس: بدائع الزهور في وقائع الدهور (5 أجزاء)، تحقيق محمد مصطفى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة.
  • ابن تغرى: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (16 جزء)، دار الكتب والوثائق القومية، مركز تحقيق التراث، القاهرة 2005
  • البدر العينى، الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر «ططر»، تقديم العلامة محمد زاهد الكوثرى، دار الانوار، القاهرة 1370هـ
  • بدر الدين العيني: عقائد الجمان في تاريخ أهل الزمان، تحقيق د. محمد محمد أمين، مركز تحقيق التراث، الهيئة المصرية للكتاب، القاهرة 1987.
  • غاستون ڤييت، القاهرة مدينة الفن والتجارة، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، القاهرة 2008
  • جمال الدين الشيال (أستاذ التاريخ الإسلامي): تاريخ مصر الإسلامية، دار المعارف، القاهرة 1966.
  • جمال الغيطاني: تجليات مصرية.. مآذن القاهرة، المصرى اليوم، مؤسسة المصرى اليوم للصحافة والنشر، عدد 1917، 12 سبتمبر 2009.
  • حمدي السعداوي، المماليك، المركز العربى للنشر، معروف أخوان للنشر والتوزيع، الأسكندرية.
  • المقريزي: السلوك لمعرفة دول الملوك (8 أجزاء)، دار الكتب، القاهرة 1996.
  • تقي الدين المقريزي: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (4 أجزاء)، مطبعة الأدب، القاهرة 1968.
  • شفيق مهدى (دكتور): مماليك مصر والشام، الدار العربية للموسوعات، بيروت 2008.
  • علاء طه رزق، دراسات في تاريخ عصر سلاطين المماليك، ع ين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، القاهرة 2008
  • قاسم عبده قاسم (دكتور): عصر سلاطين المماليك - التاريخ السياسى والاجتماعى، عين للدراسات الإنسانية والاجتماعية، القاهرة 2007.
  • القلقشندي: صبح الأعشى في صناعة الإنشا (15 جزء)، دار الفكر، بيروت.
  • Doris Behrens, Cairo of the Mamluks, I.B. Tauris, London, New York 2007 ISBN 978-1-84511-549-4

انظر أيضًا

عدل