لما دخل بشير بن حذلم المدينة المنورة لينعى الحسين عليه السلام التقى بأم البنين[1] «وهي أم عبد الله وعثمان وجعفر والعباس أبناء علي بن أبي طالب الذين استشهدوا مع أخيهم الحسين في كربلاء» فقال لها:

عظّم الله لك الأجر بولدك عبد الله.
قالت له: أسألك عن سيدي ومولاي الحسين.
قال لها: عظّم الله الأجر بولدك جعفر.
قالت له: أسألك عن سيّدي ومولاي الحسين.
قال لها: عظم الله لك الأجر بولدك عثمان.
قالت له: أسألك عن سيّدي ومولاي الحسين.
قال لها: عظّم الله لك الأجر بولدك العباس.
قالت له: أسألك عن سيّدي ومولاي الحسين . فقال :

يا أهلَ يثربَ لا مقامَ لكم بها
قُتلَ الحُسين فأدمعي مدرارُ
الجسم منه بكربلا مضرَّجٌ
والرأس منه على القنا يُدار[2]

فصاحت ولطمت خدّها، وشقّت جيبها ونادت: وا حسيناه وا سيّداه، ثمّ أنشدت:

لا تدعونـي ويك امّ البنين
تذكرينـي بليـوث العـريـن
كانت بنـون لي اُدعى بهم
واليوم أصبحـت ولا من بنين
أربعة مثـل نسور الربى
قد واصلوا الموت بقطع الوتين
تنازع الخرصان أشلاءهم
فكلّهم أمسـى صـريعاً طعين
يا ليت شعري أكما أخبروا
بأن عبّاساً قطيع اليمين

[3]

  1. ^ هي فاطمة بنت حَزام بن خالد بن ربيعة بن عامر، واُمّها ثمامة بنت سهيل بن عامر، وتكنّى: «أمّ البنين» قبل تزويجها الإمام علي عليه السلام لأنها من بيت (ام البنين العامريّة) التي قيل فيها :
    نحن بنو امّ البنين الأربعة
    الضاربين الهام وسط المجمعة
    وكانت من بيت كرم وشجاعة وفصاحة ومعرفة. وقال الإمام علي عليه السلام ـ بعد وفاة الصديقة الزهراء عليها السلام ـ لأخيه عقيل ـ وكان نسّابة العرب وعرّافة بأحسابها وعاداتها ـ : «أبغني امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوّجها فتلدني غلاماً فارساً». فقال له عقيل : أين أنت عن فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابيّة ؟ انظر : تاريخ بغداد 12 : 136 ، عمدة الطالب : 324 .
  2. ^ وفي بعض المصادر يُضاف بيت ثالث:
    يا أهلَ يثربَ شيخكم وإمامكم
    ما منكم أحدٌ عليهِ يغار
  3. ^ مقاتل الطالبيين : 85 ، ابصار العين : 36 . نقلًا من المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة ص264