رحنوين (قبيلة)
رحنوين (بالصومالية: Raxanweyn) معروف أيضًا باسم دِجِل ومِرفلي (بالصومالية: Digil iyo Mirifle) هي قبيلة صومالية رئيسية. و وإحدى العشائر الصومالية الرئيسية في منطقة القرن الأفريقي، وتقطن بشكل أساسي المناطق الخصبة الواقعة بين نهري جوبا وشبيلي.[1]
أصل التسمية
عدليعتقد علماء الأنثروبولوجيا وكذلك الصوماليون الشماليون أن تسمية رحانوين هو مركب من كلتمي Rahan (رحى) و Weyn (كبير) مما يعني (الرحى الكبير) مما يشير إلى العلاقة الدلالية للاسم بالطبيعة الاقتصادية لقبيلة رحنوين في حين تذكر روايات أخرى أن الاسم مركب من كلمتين Raxaan (حشد) Weyn (كبير) والذي يعني (الحشد الكبير" أو الحشود الكبيرة)[2] مما يشير إلى أن عشائر رحنوين هي اتحاد من العشائر الصومالية المتنوعة التي هاجرت إلى أماكن أخرى.
يُنطق الاسم أحيانا Reewin وهو عبارة عن كلمتين Ree (عائلة) و Wiin (قديم) بمعنى (عائلة قديمة). ويشير الاسم إلى أصول قبيلة رحنوين القديمة التي قد تشير إلى أنهم ربما كانوا أول مجموعة صومالية هاجرت إلى الصومال الحديث في حين بدأت بقية العشائر الصومالية في الانتشار ببطء وتطوير لهجاتها المميزة الفريدة فيما بعد.[3] وهناك نظرية أخرى تفيد أن اسم رحنوين مشتق من اسم الجد الأكبر لقبيلة رحنوين، وهو محمد ريوين.[4]
نظرة عامة
عدلتضم العشيرتان الفرعيتان لقبيلة رحنوين عددًا كبيرًا من البطون.[5] وتتميز عشيرة ديجيل بشكل أساسي بكون أبناءها من المزارعين وسكان المناطق الساحلية، في حين أن عشيرة مريفلي هي في الغالب من المزارعين الرعاة.
وفقًا للقانون الدستوري، يُقسم الصوماليون لغويًا إلى قسمين قسم يتحدث لهجة ماي تري والقسم الآخر بلهجة محا تري . والغالبية العظمى من الصوماليين الذين يتحدثون لغة ماي تري (المعروفة أيضًا باسم ماي ماي أو أف ماي) هم من قبيلة رحنوين الذين ينحدرون من ساب، في حين أن المتحدثين بلهجة محا تري (أو الصومالية القياسية) ينتمون إلى قبائل أخرى (دارود، در، هويةوإسحاق) الذين ينحدرون من سمالي. ويُعتقد أن كلاً من ساب وسمالي من نسل هِيل (الأب الأصلي لجميع الصوماليين).[6][7]
تضم عشائر رحنوين عددا كبيرا من المتبنين،[8] حيث وصف عالم الأنثروبولوجيا البريطاني آي إم لويس قبيلة رحنوين بأنها "مزيج من الأصول الزراعية القديمة، والمهاجرين الواصلين مؤخرا والبدو الرحل من العشائر الصومالية الأخرى"، حيث يوجد في كل سلالة صومالية تقريبًا بعض الفروع التي تعيش بينهم.[9] وسمح هذه الأمر للوافدين الجدد بالاندماج في العشائر المقيمة.[10] بالرغم من أن ذلك يزيد من تعقيد النسب لا سيما في ضفاف الأنهار مثل شبيلي السفلى أو جوبا.[10]
التوزيع الجغرافي
عدلتعيش قبيلة رحنوين في الأراضي الخصبة الغنية في جنوب الصومال وتعيش على ضفاف النهرين الرئيسيين في الصومال، نهري شبيلي وجوبا. وتشكل قبيلة رحنوين الأغلبية في مناطق جنوب غرب الصومال وبالتحديد محافظات باي، وبكول، وشبيلي السفلى. ويعتقد أيضًا أنهم يشكلون الأغلبية الصامتة في جوبالاند،وتحديدًا في محافظات جيدو وجوبا الوسطى وجوبا السفلى.[11] وتعتبر ثاني أكبر القبائل القاطنة في مقديشو.[12] وتنتشر مجموعات من القبيلة كذلك في المنطقة الصومالية في إثيوبيا والمقاطعة الشمالية الشرقية في كينيا.[13]
خلفية تاريخية
عدلالعصور القديمة
عدلكانت مجموعات رحنوين أول مجموعة صومالية / كوشية تصل إلى جنوب الصومال الحديث، حوالي نهاية القرن الثاني قبل الميلاد.[14][15]
وورد ذكر قبيلة رحنوين على أنه شعب ريوين الذي عاش في الأراضي الخصبة والمقاطعات الساحلية وكان يمثل الطبقة الثرية والتي تملك السلطة خلال الفترة القديمة في جنوب الصومال. ويقال أنهم كانوا مجموعة فرعية من البربر.[16][17]
سلطنة توني
عدلسلطنة توني (القرن التاسع - القرن الثالث عشر) كانت سلطنة صومالية مسلمة بسطت سيطرتها على مناطق جنوب غرب الصومال، جنوب نهر شبيلي. وكان يحكمها أبناء شعب توني من رحنوين، الذين كانو يتحدثون لهجة توني. ويُعتقد أن سلطنة توني القديمة كانت تحكم منطقة شبيلي السفلى الحديثة[18] تأسست مدينة براوة على يد أحد شيوخ وعلماء عشيرة توني والذي كان يُدعى أو علي وكانت آنذاك عاصمة سلطنة توني. وازدهرت المدينة لتصبح واحدة من المراكز الإسلامية الرئيسية في القرن الأفريقي، واحتشد الطلاب من جميع أنحاء المنطقة للتعلم على يد العلماء البروانيين. وكتب علماء المسلمين في ذلك الوقت، مثل ابن سعيد المغربي، عن براوة باعتبارها "جزيرة إسلامية على الساحل الصومالي". كما وصف الإدريسي بناء المنازل المرجانية وأشار إلى أن براوة كانت مليئة بالسلع المحلية والأجنبية.[18] فيما بعد سيطر الأجوران على المنطقة وأنهوا حكمسلطنة توني.
سلطنة أجوران
عدلإلى جانب هوية، خضعت عشيرة رحنوين أيضًا لسيطرة إمبراطورية أجوران في القرن الثالث عشر وحكمت جزءًا كبيرًا من مناطق جنوب الصومال وشرق إثيوبيا، وامتد نطاقها من هوبيو شمالا، إلى قلافو غربا، وصولا إلى كيسمايو جنوبا.[19]
سلطنة جليدي
عدلفي نهاية القرن السابع عشر، كانت سلطنة أجوران في حالة انحدار، وبدأت العديد من الدول التابعة تحرر أو تنضم إلى قوى صومالية جديدة، وكانت إحدى هذه القوى الصاعدة سلطنة جليدي التي أسسها إبراهيم أدير، الجنرال السابق في سلطنة أجوران، ونجح في طرد جيش أجوران الإمبراطوري من أفجوي. وتناسلت منه بعد ذلك سلالة جبرون.
كانت سلطنة جليدي مملكة لقبيلة رحنوين وبشكل خاص أبناء عشيرة جليدي النبيلة التي كانت تسيطر على نهري جوبا وشبيلي وكذلك ساحل بنادر، وسيطرت سلطنة جليدى على تجارة شرق أفريقيا وكانت لديها القوة الكافية لإجبار العرب في جنوب الجزيرة العربية على دفع الجزية لحكام جليدى النبلاء مثل السلطان يوسف محمود.[20]
الإدارة والجيش
عدلمارست سلطنة جلدي سلطة مركزية قوية أثناء سيطرتها وامتلكت جميع أجهزة ومظاهر الدولة الحديثة المتكاملة: من بيروقراطية عاملة، ونبلاء وراثيين، وأرستقراطيين، ونظام ضريبي، وعلم دولة، بالإضافة إلى جيش مدرب بشكل جيد.[21][22] كما احتفظت السلطنة بسجلات مكتوبة لأنشطتها، ولا تزال موجودة ومحفوظة حتى الآن.[23]
كانت العاصمة الرئيسية لسلطنة جليدي هي مدينة أفجوي، وكان الحكام يقيمون في القصر الكبير. وكانت المملكة تضم عددًا من القلاع والحصون وغيرها من أنواع العمارة في مناطق مختلفة داخل المملكة، بما في ذلك حصن في مدينة لوق وقلعة في بارطيري.[24]
بلغ عدد جيش جليدي 20 ألف رجل في أوقات السلم، وكان من الممكن رفعه إلى 50 ألف جندي في أوقات الحرب.[25] وكان القائد الأعلى للقوات المسلحة هو السلطان يليه أخوه، وكان يعمل تحت إمرتهما شيوخ العشائر ما بين ملاخ وغراد.(ألقاب شيوخ العشائر) وكان التجار الصوماليون في المناطق الساحلية يزودون الجيش بالبنادق والمدافع.
التجارة
عدلحافظت السلطنة على شبكة تجارية واسعة، حيث كانت تتاجر مع شبه الجزيرة العربية، وبلاد فارس، والهند، والشرق الأدنى، وأوروبا، ومناطق السواحلي، وهيمنت على التجارة في شرق إفريقيا، وكانت قوة إقليمية.[26]
إلى جانب ذلك تمكن نبلاء سلطنة جليدي من اكتساب ثروة كبيرة ليس فقط من الزراعة التي استفادت منها السلطنة في وادي شبيلي وجوبا، بل وأيضاً من التجارة من خلال مشاركتهم في تجارة الرقيق وغيرها من المشاريع مثل العاج والقطن والحديد والذهب، إضافة إلى العديد من السلع الأخرى. كذلك تميزت السلطنة بالاهتمام بالثروة الحيوانية مثل الأبقار والأغنام والماعز والدجاج.[27]
العصر الحديث
عدلالحماية الإيطالية
عدلانضمت سلطنة جليدي إلى محمية الصومال الإيطالي في عام 1908 حين وقع حاكم جليدي: عثمان أحمد الذي وقع معاهدات متعددة مع الطليان وانتهت المملكة بوفاة عثمان أحمد في عام 1910.[28]
حزبي دجل و مرفلي
عدلكان حزب دجل ومرفلي (1947-1969) حزباً سياسياً صومالياً شكله أعضاء عشيرة رحنوين، وكان جيلاني شيخ بن شيخ كان أول من انتخب زعيماً لحزب دجل ومريفلي (HDMS) وكان من أوائل الذين طالبوا بتطبيق النظام الفيدرالي في الصومال. ويعود أصل تأسيس الحزب إلى حزب دستور مستقل الصومال الذي تشكل كمنظمة مناهضة للاستعمار وسعت لتعليم شعوب المناطق الواقعة بين الأنهار وتوفير الرعاية الصحية وغيرها من الأعمال الخيرية. وفي وقت لاحق، تشكل حزب دجل ومرفلي في عام 1947، وكان حزب المعارضة الرئيسي الذي فاز بالمركز الثاني من حيث عدد المقاعد في البرلمان الصومالي بعد الاستقلال بعد رابطة الشباب الصومالية. وكان هدفها الرئيسي هو الدفاع عن شعبي دجل ومرفلي في الصومال وإجراء إحصاء سكاني حقيقي لمواطني الجمهورية الصومالية. كما عمل الحزب على تحسين النشاط الزراعي والحيواني.[29]
التهميش السياسي والاستيلاء على الأراضي
عدلخلال فترة النضال من أجل الاستقلال، كانت الأحزاب السياسية قائمة على المصالح العشائرية، على الرغم من أن هذه المنظمات كانت تدعي العمل لصالح المصلحة الوطنية وكانت ضد الانقسام العشائري. وهكذا فإن الموقف المناهض للعشيرة كان بمثابة عمل يهدف إلى تعزيز مصالح عشيرتهم. على سبيل المثال، أعلنت القبائل الصومالية ما عدا رحنوين، وبخاصة دارود وهوية الذين حكموا أو حكم أفراد منهم الصومال في السابق وعاشوا في استقرار مع رحنوين، أعلنوا الولاء لما قبل الاستعمار لـ geeko mariidi (الأيام الخوالي). وتم التوافق على قوانين تعزز القومية وترفض العشائرية عند الاستقلال ما أدى إلى تقسيم الأراضي التي سيطرت عليها رحنوين تقليديا على قبائل أخرى وذلك تحت ستار القومية. وكان هناك عريضة لتقسيم المنطقة التي كان يقطن فيها رحنوين إلى تسع مقاطعات، ولم يبق سوى اثنتين تحت السيطرة السياسية لرحنوين بينما وقعت البقية بيد قبيلة دارود. وتحول ما كان من المفترض أن يكون تنمية وطنية إلى هيمنة وتفاقمت بسبب التنمية التعاونية في عام 1974 في عهد الرئيس سياد بري عندما استولت الحكومة على أراضي رحنوين وضمتها بموجب قانون الاستملاك العام. وهكذا استخدمت المزارع الحكومية أبناء رحنوين كعمال، في حين كان يديرها أفراد من دارود ولم تعمل إلا على تعزيز مصالح دارود.[30]
تاريخيًا، كانت جوبالاند هي المنطقة التي عاشت فيها رحنوين وقبل الاستعمار الإيطالي، كانت المنطقة تحت حكم سلطنة جليدي.[31] في عام 1975، أعلن الرئيس الصومالي محمد سياد بري، عن ستة محافظات جديدة هي جوبا السفلى، وجوبا الوسطى، وجدو، وباي، وبكول، وشبيلي السفلى لأسباب سياسية لصالح قبيلة دارود ولإضعاف النفوذ السياسي لرحانوين في الجنوب. ومنحت قبيلة مريحان السلطة السياسية لقيادة محافظة جدو، ومُنحت قبال أوغادين السلطة السياسية لقيادة محافظة جوبا الوسطى، وكذلك مُنحت هارتي قيادة محافظة جوبا السفلى، ومنحت هوية قيادة شبيلي السفلى. ولم تعد المدن التاريخية الكبرى الواقعة على نهر جوبا مثل دولو ولوق وبرطوبو وبارطيري وساكو وبؤالي وجلب وجمامة وكيسمايو مدنا خاصة برحنوين. وبقيت محافظة باي فقط لرحنوين.[32]
ويذكر تقرير بعثة تقصي الحقائق التابعة لدول الشمال الأوروبي إلى محافظة جدو في الصومال ما يلي:[33]
وبحسب عبدي شكار أوثاوي، فإن الاستيطان الواسع النطاق من قبل عشائر مريحان في محافظة جدو كان مستمراً لبعض الوقت. في الفترة من 1977 إلى 1980، وتسببت حرب أوغادين بين الصومال وإثيوبيا في هجرات كبيرة للسكان، حيث نُقل مجموعات من مريحان من إثيوبيا إلى لوق وبرطوبو على وجه الخصوص.
ساعدت الحكومة الصومالية في ذلك الوقت، برئاسة سياد بري، السكان الجدد من قبيلة مريحان في جدو بأدوات الزراعة، وغيرها، في حين حاولت منظمة غير حكومية يابانية إقناع عشائر رحنوين بقبول السكان الجدد من مريحان، بحجة أن هذا كان ترتيبًا مؤقتًا. وأدى ذلك إلى إجبار عشائر رحنوين على النزوح من هناك.
دفعت الحرب الأهلية في الصومال في القرن العشرين معظم أفراد عشيرة غَبَوين من قبيلة رحنوين إلى مغادرة محافظة جدو والذهاب للعيش في كينيا وإثيوبيا. وقد مكّن هذا عشائر مريحان في النهاية من تأمين السلطة السياسية في محافظة جدو. واعتبر عبد الله شيخ محمد، من مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، أن الاستيلاء على السلطة كان بمثابة تتويج لاستراتيجية طويلة الأجل من قبل الرئيس في ذلك الوقت، سياد بري، من إنشاء محافظة جدو في عام 1974 والتي كانت تهدف إلى إنشاء قاعدة إقليمية لعشائر مريحان.
وكان الوضع مماثلا في محافظتي جوبا السفلى والوسطى، حيث أُعيد توطين عدد كبير من سكان أوغادين خلال حرب أوغادين في جوبا الوسطى، وخلال أزمة المجاعة في شمال شرق الصومال، أُعيد توطين عشائر هارتي في جوبا السفلى.
الحرب الأهلية وولاية جنوب غرب الصومال
عدلخلال الحرب الأهلية، عانت قبيلة رحنوين الأقل عدوانية أكثر من أي عشيرة أخرى في الصومال. وحّد الجنرال مورجان صهر الرئيس الصومالي محمد سياد بري فصائل دارود في جوبالاند وأسس الجبهة الوطنية الصومالية وشن حربًا ضد محمد فارح عيديد الذي أعلن نفسه رئيسا للصومال وقاد ميليشيا الهوية المعروفة باسم المؤتمر الصومالي الموحد، وجرت معارك طاحنة بين دارود وهوية في أراضي رحنوين وارتكبت انتهاكات ضد حقوق الإنسان بحق السكان الأصليين في المنطقة الواقعة بين النهرين. وفي مقاطعة باي، استهدف أفراد ميليشيا مريحان قبيلة رحنوين.[34] وبعيدًا عن المجازر، استخدم الجنرال مورغان أنواعًا أخرى من الأساليب القاسية والوحشية مثل استخدام التجويع كتكتيك رئيسي من خلال نهب مستودعات المنظمات غير الحكومية، ومداهمة القوافل، ومجموعة أخرى من المخططات لمنع المساعدات الغذائية من الوصول إلى رحنوين. ووصلت معدلات الوفيات (40% من السكان، 70% منهم من الأطفال).[35] وفي الوقت نفسه، احتل محمد فارح عيديد والقوات الموالية له، وهي الميليشيات المسلحة الأكثر قوة حينها، المناطق التي كانت تقطن فيها عشائر رحنوين مثل باي وبكول وشبيلي السفلى تحت ستار تحريرها من قوات نظام سياد بري. وتجاوزت ميليشيا هبر جدير مدة إقامتها في منطقة شبيلي السفلى، وبدأت في الاستيطان بشكل غير قانوني من خلال نهب الممتلكات والأراضي الزراعية واستخدام سكان دجل المحليين كعمال على غرار عشائر دارود في جوبالاند.[36][37]
يقول الباحث والمحلل موسى يوسف:[38]
خلال الثورة ضد نظام الجنرال محمد سياد بري، ظهرت بعض الجماعات المتمردة من رحنوين، مثل حركة الصومال الديمقراطية وغيرها. ومع ذلك، لم يكونوا أقوياء عسكريا، ولم يكن لدى نخبتهم السياسية إمكانية الوصول إلى الترسانة العسكرية للنظام البائد مثل القادة العسكريين رفيعي المستوى من الفصائل الأخرى في هوية ودارود وإسحاق الذين نهبوا ترسانة الدولة. ولم تكن النخب في رحنوين تتمتع أيضًا بقوة اقتصادية تساعدهم على تكوين قوة ولم يتمتعوا كذلك بمجتمع في الشتات لدعم حركتهم، وهي العوامل التي ساعدت باقي فصائل الحرب الأهلية. وانقسموا أيضًا فيما بينهم، حيث دعموا فصائل التمرد الأخرى. على سبيل المثال، اضطرت حركة الصومال الديمقراطية إلى التحالف مع فصائل مختلفة منضوية تحت مظلة المؤتمر الصومالي الموحد لطرد فلول قوات الرئيس محمد سياد بري من أراضيها. وفي الواقع، طلب شيوخ العشائر في هذه المناطق من الجنرال محمد فارح عيديد مساعدتهم في تحرير أراضيهم من القوات الموالية للرئيس محمد سياد بري، والتي كانت ترتكب فظائع في المنطقة. وكما اتضح، فإن فصيل الجنرال محمد فارح عيديد في المؤتمر الصومالي الموحد خانهم سياسيا عندما احتلت ميليشياته مناطق رحانوين بحجة أنهم حرروها من النظام "البائد". ولذلك، مع انهيار الديكتاتورية العسكرية، وجدت عشائر رحانوين والجماعات العرقية الصغيرة غير الصومالية نفسها بلا دفاع ومحاصرة بين فصائل قبيلتي هوية ودارود التي هاجمت أراضيهم في ما أصبح يعرف باسم "مثلث الموت"، حيث أصبحت مدينة بيدوا، عاصمة محافظة باي، مدينة الموت. وقد عانوا أكثر إذ مات ما يصل إلى 500 ألف شخص جوعاً بسبب تدمير الأراضي الزراعية والممتلكات ومصادرة المزارع من قبل الفصائل المتحاربة. وأيضاً بسبب ما وصف بـ "سياسة الإبادة الجماعية" التي كانت فصائل هوية ودارود مصممة على إبادة رحنوين بأي طريقة. وإذا قارنت تجربة قبيلة رحانوين بتجربة أي عشيرة صومالية أخرى، يصبح من الواضح أنهم لم يتعرضوا للتهميش طوال تاريخ الصومال فحسب، بل عانوا أيضًا أكثر من أي عشيرة أخرى خلال الحرب الأهلية الصومالية حيث مات مئات الآلاف منهم بسبب الصراع وغيره من الأسباب المرتبطة بالحرب.
في بداية عام 1993، وفي ظل الحرب المستمرة والمعاناة الطائفية التي عانى منها رحنوين، توصل مجتمع رحنوين إلى إدراك أنهم يشتركون في نفس التاريخ وتجربة التهميش السياسي طوال تاريخ الصومال الحديث. وبحلول شهر مارس من عام 1993، نظمت الحركة الديمقراطية الصومالية مؤتمراً للسلام بهدف توحيد العشائر القاطنة في مناطق ما بين النهرين وعقد في مدينة بونكين في محافظة باي. وبحلول عام 1994. نجحت قبيلة رحنوين في إنشاء إدارات خاصة بها، وتخطت مدينة بيدوا مرحلة الخطر بسبب المجاعة. في عام 1995، عقدت عشائر رحنوين مؤتمرا في بيدوا لتعزيز مصالح القبيلة من خلال توحيد القبيلة والمطالبة بدولة إقليمية مستقلة. كانت الرؤية طموحة وتهدف إلى ضم ست محافظات هي باي، وبكول، وشبيلي السفلى، وجوبا الوسطى، وجوبا السفلى، وجدو باعتبار رحنوين أغلبية سكان تلك المناطق. ومع ذلك، كان هناك بعض التحديات التي تتمثل في خضوع بعض الأراضي التي يطالبون بها لسيطرة ميليشيات دارود وهوية، كما أدى النزوح الجماعي للسكان الأصليين إلى زعزعة الاستقرار وتوقف الأعمال التجارية الاجتماعية والسياسية المحلية في المنطقة. ولم يتم إنشاء جيش رحنوين للمقاومة إلا في أواخر عام 1995 بهدف تحرير أراضي رحنوين وشن سلسلة من الحملات العسكرية ضد ميليشيات عيديد. وبحلول عام 1999، نجحت قوات جيش رحنوين للمقاومة في طرد مقاتلي هبرجدير من مناطق باي، وبكول، وشبيلي السفلى. وكان الهدف التالي هو طرد سكان جوبالاند غير الشرعيين الذين أسكنتهم حكومة سياد بري في المنطقة. إلا أن الخطة توقفت في عام 2000 عند تشكيل الحكومة الوطنية الانتقالية. وكانت عشيرتا هوية ودارود تخشيان من الطموح السياسي المتزايد لرحنوين، وقد اشتكتا إلى المجتمع الدولي للضغط على رحنوين لقبول الوضع الراهن. ومع ذلك، فقد شعرت أنشأت عشائر رحنوين دولة مستقلة خاصة بها في عام 2002 وأكدت استقلالها عن فصائل دارود وهوية المهيمنة. وسعت رحنوين إلى استعادة الحلم القديم (في الخمسينات) بإقامة دولة فيدرالية مستقلة.[39]
أسس جيش رحنوين للمقاومة دولة مستقلة تعرف باسم ولاية جنوب غرب الصومال المتمتعة بالحكم الذاتي ولها حكومتها الخاصة واقتصادها وجيشها وعلمها. واعتُبرت الولاية ركيزة مهمة للاستقرار في جنوب الصومال.[40][41]
شجرة العشيرة
عدلالقائمة التالية مأخوذة من تقرير البنك الدولي " الصراع في الصومال: الدوافع والديناميكيات " لعام 2005، ونشر في تقييم أجرته وزارة الداخلية البريطانية " تحت اسم تقييم الصومال لعام 2001".[42][43]
- رحنوين
- دجل
- جليدي
- بيجيدي
- دبري
- توني
- جيدُّو
- غري
- مرفلي
- سجَال
- جلبلي
- إيلو
- غسارجودي
- جواوين
- جيلادلي
- لواي
- حدمي
- ينتار
- هُبير
- سديد
- ليسان
- هرين
- إيلاي
- جرون
- وانجيل
- هرو
- مالينوين
- ديسو
- ايميد
- قومال
- ييليدلي
- قمدي
- جروالي
- رير دومال
- هيليدي
- سجَال
- دجل
في جنوب وسط الصومال، تقطن قبائل من رحنوين وفيما يلي شجرة نسب تلك العشائر بحسب البنك الدولي:[44]
- رحنوين
- دجل
- جليدي
- جدو
- بيجيدي
- دجل
يذكر كريستيان بادر العشائر الفرعية الرئيسية لدجل ورحنوين على النحو التالي:[45]
- ساب
- أمري
- ديسمي
- دجل
- ماد
- رحنوين
- جمبلول
- مرفلي
- بيجيدي
- أليمو
- ماتاي
- إرولي
- دبري
- علي جيدو
- دوبطيري
- وراسيلي
- تيكيمي
- دوبو
- ديجييني
- عيسى توني
- رحنوين
- ماد
- دجل
- ديسمي
- أمري
شخصيات بارزة
عدل- آدم محمد نور مدوبي رئيس مجلس الشعب الصومالي الحالي
- عثمان أحمد آخر سلاطين سلطنة غلدي
- عبد الله ديرو إسحاق وزير الشؤون الدستورية في الحكومة الاتحادية الانتقالية الصومالية
- عبد العزيز حسن محمد لفتاغرين رئيس ولاية جنوب غرب الصومال الحالي
- محمد إبراهيم حابسدي نائب رئيس جيش رحانوين للمقاومة ووزير النقل في الحكومة الاتحادية الانتقالية الصومالية
- عبد الحكيم محمود حاجي فقي وزير الدفاع في حكومة الصومال الفيدرالية
- محمد شيخ حسن وزير الدفاع في حكومة الصومال الفيدرالية
- شريف حسن شيخ آدم رئيس البرلمان الاتحادي الانتقالي (الصومال)
- مختار محمد حسين الرئيس الصومالي المؤقت ورئيس البرلمان الصومالي
- حسن محمد نور شاتيجدود قائد جيش رحانوين للمقاومة
- عباس عبد الله سراج وزير الأشغال العامة والإسكان السابق.
- عبد القادر محمد نور وزير الدفاع الحالي في حكومة الصومال الفيدرالية
انظر أيضا
عدلمراجع
عدل- ^ Islam in the World Today: A Handbook of Politics, Religion, Culture, and Society Page 443
- ^ Helander، Bernhard (1996). "Rahanweyn Sociability: A Model for Other Somalis?". African Languages and Cultures. Supplement ع. 3: 196. ISSN:1477-9366. JSTOR:586661. مؤرشف من الأصل في 2023-05-10.
- ^ The Invention of Somalia Page 94
- ^ Helander، Bernhard (1996). "Rahanweyn Sociability: A Model for Other Somalis?". African Languages and Cultures. Supplement ع. 3: 196. ISSN:1477-9366. JSTOR:586661. مؤرشف من الأصل في 2023-05-10.Helander, Bernhard (1996). "Rahanweyn Sociability: A Model for Other Somalis?". African Languages and Cultures. Supplement (3): 196. ISSN 1477-9366. JSTOR 586661.
- ^ Allen, James De Vere (1993). Swahili Origins: Swahili Culture & the Shungwaya Phenomenon (بالإنجليزية). J. Currey. ISBN:978-0-85255-075-5. Archived from the original on 2023-05-13.
- ^ The Genesis of the Civil War in Somalia Page 120
- ^ “My Clan Against the World”: U.S. and Coalition Forces in Somalia 1992-1994 Page 10
- ^ Helander، Bernhard (1996). "Rahanweyn Sociability: A Model for Other Somalis?". African Languages and Cultures. Supplement ع. 3: 200. ISSN:1477-9366. JSTOR:586661. مؤرشف من الأصل في 2023-05-10.
- ^ Lewis، I. M. (1972). "The Politics of the 1969 Somali Coup". The Journal of Modern African Studies. ج. 10 ع. 3: 388–389. DOI:10.1017/S0022278X0002262X. ISSN:0022-278X. JSTOR:160127. S2CID:154596968. مؤرشف من الأصل في 2023-10-02.
- ^ ا ب Ridout، Timothy A. (18 أبريل 2011). "Building Peace and the State in Somalia: The case of Somaliland" (PDF). The Fletcher School: 7. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2023-05-10.
According to Christian Webersik, "This practice allows the peaceful integration of newcomers into resident clans. Further, it adds to the complexity of lineage identity in the riverine areas, such as Lower Shabelle or the Juba region."
- ^ The Genesis of the Civil War in Somalia: The Impact of Foreign Military Intervention on the Conflict Page 122
- ^ Inside Al-Shabaab The Secret History of Al-Qaeda's Most Powerful Ally Page 142
- ^ Negotiating Statehood: Dynamics of Power and Domination in Africa
- ^ The Invention of Somalia Page 93
- ^ The Bantu-Jareer Somalis Unearthing Apartheid in the Horn of Africa Page 248
- ^ Luyts, Johannes; Moll, Herman (1701). A System Of Geography: Or, A New & Accurate Description Of The Earth In All Its Empires, Kingdoms and States. Illustrated with History and Topography, And Maps of Every Country, Fairly Engraven on Copper, According to the Latest Discoveries and Corrections (etc.): Containing the Description of Asia, Africa, and America. Written in Latin by Joan. Luyts Professor in Acad. Ultraj. English'd with large additional Accounts of the East-Indies, and the English Plantations in America ; Illustrated with Maps, Fairly Engraven on Copper, according to the Modern Discoveries and Corrections, by Hermann Moll. 2 (بالإنجليزية). Childe, Timothy. p. 121. Archived from the original on 2024-09-12.
- ^ Isichei, Elizabeth (13 Apr 1997). A History of African Societies to 1870 (بالإنجليزية). Cambridge University Press. p. 199. ISBN:978-0-521-45599-2. Archived from the original on 2024-09-12.
- ^ ا ب Mukhtar، Mohamed Haji (25 فبراير 2003). Historical Dictionary of Somalia. ص. 50. ISBN:9780810866041.
- ^ Lee V. Cassanelli, The shaping of Somali society: reconstructing the history of a pastoral people, 1600-1900, (University of Pennsylvania Press: 1982), p.102.
- ^ Luling (2002), p. 272.
- ^ Horn of Africa, Volume 15, Issues 1-4, (Horn of Africa Journal: 1997), p.130.
- ^ Michigan State University. African Studies Center, Northeast African studies, Volumes 11–12, (Michigan State University Press: 1989), p. 32.
- ^ Sub-Saharan Africa Report, Issues 57-67. Foreign Broadcast Information Service. 1986. ص. 34. مؤرشف من الأصل في 2024-05-22.
- ^ S. B. Miles, On the Neighbourhood of Bunder Marayah, Vol. 42, (Blackwell Publishing on behalf of The Royal Geographical Society (with the institute of British Geographers): 1872), pp. 61–63.
- ^ Transactions of the Bombay Geographical Society ..by Bombay Geographical Society p. 392
- ^ Somali Sultanate: The Geledi City-state Over 150 Years - Virginia Luling (2002) p. 155
- ^ Nelson، Harold (1982). "The Society and its Environment". Somalia, a Country Study. ISBN:9780844407753. مؤرشف من الأصل في 2023-05-11.
- ^ Mukhtar، Mohamed Haji (25 فبراير 2003). Historical Dictionary of Somalia. Scarecrow Press. ص. 210. ISBN:9780810866041. مؤرشف من الأصل في 2024-05-22. اطلع عليه بتاريخ 2014-02-15.
- ^ Mukhtar، Mohamed Haji (25 فبراير 2003). Historical Dictionary of Somalia. ص. 106. ISBN:9780810866041.
- ^ Mukhtar، Mohamed Haji (25 فبراير 2003). Historical Dictionary of Somalia. Scarecrow Press. ص. 117. ISBN:9780810866041. مؤرشف من الأصل في 2024-05-22. اطلع عليه بتاريخ 2014-02-15.
- ^ The Rise &The Fall of Somali President: His Excellency Mohamed Abdillahi Mohamed (Farmajo) Page 130
- ^ Mukhtar، Mohamed Haji (25 فبراير 2003). Historical Dictionary of Somalia. Scarecrow Press. ص. 129. ISBN:9780810866041. مؤرشف من الأصل في 2024-05-22. اطلع عليه بتاريخ 2014-02-15.
- ^ Danish Immigration Service: Report of the Nordic fact-finding mission to the Gedo region in Somalia Page 9
- ^ Restoring and Maintaining Order in Complex Peace Operations:The Search for a Legal Framework Page 12
- ^ Restoring and Maintaining Order in Complex Peace Operations:The Search for a Legal Framework Page 52
- ^ Historical Dictionary of Somalia - Page 6
- ^ Weapons and Clan Politics in Somalia - Page 34
- ^ The Genesis of the Civil War in Somalia: The Impact of Foreign Military Intervention on the Conflict Page 121
- ^ The Genesis of the Civil War in Somalia: The Impact of Foreign Military Intervention on the Conflict Page 123
- ^ "SOMALIA: RRA sets up autonomous region". IRIN. 1 أبريل 2002. مؤرشف من الأصل في 2013-07-29. اطلع عليه بتاريخ 2007-02-04.
- ^ "Third autonomous region breaks with Somalia". Afrol News. 2 مارس 2002. مؤرشف من الأصل في 2012-05-23. اطلع عليه بتاريخ 2007-02-04.
- ^ Worldbank, Conflict in Somalia: Drivers and Dynamics, January 2005, Appendix 2, Lineage Charts, p. 55 Figure A-1 نسخة محفوظة 2024-07-15 على موقع واي باك مشين.
- ^ Country Information and Policy Unit, Home Office, Great Britain, Somalia Assessment 2001, Annex B: Somali Clan Structure نسخة محفوظة 2011-07-16 على موقع واي باك مشين., p. 43
- ^ Worldbank, Conflict in Somalia: Drivers and Dynamics, January 2005, Appendix 2, Lineage Charts, p. 56 Figure A-2 نسخة محفوظة 2024-07-15 على موقع واي باك مشين.
- ^ Bader, Christian (1999). "Genealogies Somali". Le sang et le lait: brève histoire des clans somali [Blood and milk: A brief history of the Somali clans] (بالفرنسية). باريس: 9782706813733. p. 246. ISBN:2706813733. Archived from the original on 2023-10-08. Retrieved 2010-03-09.
روابط خارجية
عدل- Rebuilding Somalia: issues and possibilities for Puntland. HAAN Associates. 2001. ISBN:1-874209-04-9.