سبط يهوذا
وفقًا للكتاب المقدس العبري، سبط يهوذا (שֵׁבֶט יְהוּדָה) هو أحد أسباط بني إسرائيل الاثني عشر، الذي يُنسب إلى يهوذا بن يعقوب. كان سبط يهوذا أول أسباط بني إسرائيل تمركزًا في أراضيه التي تقع جنوب أراضي بني إسرائيل، ويعد يسى وأبنائه ومنهم الملك داود أبرز المنتسبين إلى هذا السبط.
سبط يهوذا | |
---|---|
المعطيات | |
النطاق الجغرافي | غرب آسيا |
أهم المواقع | الخليل وبيت لحم |
يسبقها | المملكة المصرية الحديثة |
يليها | مملكة إسرائيل الموحدة |
الرواية الكتابية
عدليبرز سبط يهوذا وغزواته ومركزية عاصمته القدس في عبادة يهوه بشكل بارز في التاريخ التثنوي الذي يشمل أسفار التثنية حتى الملوك الثاني، والتي يتفق معظم العلماء على أنها كُتبت في عهد الملك المُصلح يوشيا ملك يهوذا بين سنتي 641-609 ق.م.، كما يرون أيضًا أن هذا التاريخ خضع لأشكال من التعديلات والتنقيحات في فترة السبي وما بعده.[1]
وفقًا لرواية سفر يشوع، بعد أن افتتحت قبائل بني إسرائيل جزء من أرض كنعان (حيث كان اليبوسيون لا يزالون يحتفظون بالقدس)،[2] قسّم يشوع الأراضي بين أسباط بني إسرائيل الاثني عشر. بحسب هذا السفر، كان نصيب سبط يهوذا يشمل معظم الجزء الجنوبي من أرض إسرائيل، بما في ذلك النقب وبرية صين والقدس.(يشوع 15) رغم ذلك، يُجمع العلماء المعاصرين على أن هذا الفتح لم يحدث أبدًا.[3][4][5] في المقابل، يشير علماء آخرون إلى إشارات في مصادر غير كتابية تبرز وجود إسرائيل وكنعان كدليل على التاريخ المحتمل للغزو.[6][7]
في الآيات الأولى من سفر القضاة، حين سأل بنو إسرائيل "الرب" بعد وفاة يشوع أي سبط يذهب أولًا ليحتل الأرض المخصصة له، كان الرد بأن يبدأ سبط يهوذا بذلك.(القضاة 1: 1-2) كما أشار هذا السفر أن سبط يهوذا دعا سبط شمعون للتحالف معهم في القتال ليُأمّنا سويًّا أراضيهم المخصصة لهم. ورغم ذلك، لا يعتقد العديد من العلماء أن سفر القضاة مصدرًا تاريخيًا يوثق فيه.[8][9][10]
يصف سفر صموئيل الأول غضب الإله على سلالة شاول الملكية المنتمون إلى سبط بنيامين الجنوبي بسبب خطيئة الملك شاول، فمنح المُلك بعد ذلك لسبط يهوذا إلى الأبد في شخص الملك داود. في رواية سفر صموئيل، بعد وفاة شاول، ظلت جميع الأسباط باستثناء سبط يهوذا، موالية لأبناء شاول، بينما اختار سبط يهوذا داود ملكًا عليهم. ومع ذلك، بعد وفاة إيشبوشث بن شاول وخليفته على عرش مملكة إسرائيل، اجتمعت أسباط بني إسرائيل جميعها على تنصيب داود ملكًا على مملكة إسرائيل الموحدة. تناول سفر الملوك توسع المُلك والمجد الذي لا نظير له الذي بلغته المملكة في عهد الملك سليمان. يعتقد أغلبية العلماء أن الروايات المتعلقة بنطاق الأراضي التي سيطر عليها داود وسليمان في عهد المملكة الموحدة أمرًا مبالغًا فيه، كما تعتقد أقلية من العلماء أن المملكة الموحدة لم تتواجد قطّ.[11][12][13] لا يتفق عالم العهد القديم والتر ديتريش مع هذا الرأي، ويؤكد على أن الروايات الكتابية حول ملوك القرن العاشر قبل الميلاد تقريبًا تحتوي على نواة تاريخية مهمة، وليست مجرد خيالات أضيفت لاحقًا.[14]
عند اعتلاء رحبعام بن سليمان العرش حوالي سنة 930 ق.م.، انفصلت الأسباط الشمالية العشر بقيادة يربعام المنتمي إلى سبط إفرايم عن المملكة الموحدة، وأسّسو مملكة إسرائيل الشمالية في السامرة. هاجم سفر الملوك بلا هوادة مملكة إسرائيل الشمالية الأكبر والأغنى، وعلّل غزوها من قبل آشور سنة 722 ق.م. بأنه انتقام إلهي لعودة تلك المملكة إلى عبادة الأصنام.[15] بقي سبطي يهوذا وبنيامين على ولائهم لسلالة داود، وشكلّ هذين السبطين مملكة يهوذا، التي ظلت موجودة حتى غزو بابل لها حوالي سنة 586 ق.م.، وترحيل سكانها. عندما عاد اليهود من السبي البابلي، تخلّوا عن انتماءاتهم القبلية ربما بسبب استحالة إعادة بسط سيطرتهم على ممتلكاتهم القبلية السابقة من الأراضي. ومع ذلك، احتفظ اللاويون والكهنة بأدوارهم الدينية الخاصة، وأصبحت القدس أصبحت المكان الوحيد للعبادة والتضحية بين المنفيين العائدين سواءً الشماليين أو الجنوبيين.
أراضي السبط
عدلوفقًا للرواية الكتابية، كان سبط يهوذا في أوجه هو القبيلة الرائدة في مملكة يهوذا، واحتل معظم أراضي المملكة، باستثناء منطقة صغيرة في الشمال الشرقي احتلها سبط بنيامين، وجيب في الجنوب الغربي احتله سبط شمعون. كانت مدينتي بيت لحم وحبرون في البداية المدينتين الرئيسيتين داخل أراضي السبط.
يمكن تمييز أراضي سبط يهوذا في أربع مناطق متميزة:
- النقب – الجزء الجنوبي من الأراضي، كان مناسبًا جدًا للرعي.
- الشفيلة – المنطقة الساحلية، الواقعة بين المرتفعات والبحر الأبيض المتوسط، كانت تستخدم للزراعة، وخاصة للحبوب.
- البرّية – المنطقة القاحلة المجاورة للبحر الميت مباشرة، وتحت مستوى سطح البحر؛ كانت مُوحشة، وبالكاد تصلح للسُكنى، لذا كانت مرتعًا للحيوانات الشرسة مثل الدببة والنمور، والخارجين عن القانون من البشر. في العصور التوراتية، كانت تلك البرية مُقسّمة إلى ثلاثة أقسام – برية عين جدي،(صموئيل الأول 24: 1) وبرية يهوذا(القضاة 1: 16) وبرية معون.(صموئيل الأول 23: 24)
- التلال - الهضبة المرتفعة الواقعة بين الشفيلة والبرية، ذات منحدرات صخرية ولكنها شديدة الخصوبة. وكانت هذه المنطقة تستخدم لإنتاج الحبوب والزيتون والعنب وغيرها من الفواكه، وبالتالي أنتجت الزيت والنبيذ.
أصولهم
عدلوفقًا للتوراة، ينحدر السبط من نسل يهوذا رابع أبناء يعقوب من زوجته ليئة. مثل الأسباط الأخرى في مملكة يهوذا، لم يرد ذكر سبط يهوذا تمامًا في نشيد دبوره القديم. تقليديًا، فُسّر ذلك على أنه راجع إلى كون المملكة الجنوبية بعيدة جدًا فلم يمكنهم المشاركة في المعركة، إلا أن إسرائيل فينكلشتاين وآخرون زعموا تفسيرًا بديلًا يقول بأن المملكة الجنوبية كانت مجرد منطقة ريفية راكدة لا أهمية لها في وقت كتابة القصيدة.[16]
يهوذا | ابنة شوحا | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
عير | ثامار | أونان | شيلة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
فارص وزارح | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الشخصيات
عدلادعى العديد من قادة اليهود وأنبياء الكتاب المقدس العبري انتمائهم إلى سبط يهوذا. على سبيل المثال، كان الأنبياء إشعياء وعاموس وحبقوق ويوئيل وميخا وعوبديا وزكريا بن برخيا وصفنيا ينتمون إلى هذا السبط.[17] كما تصف سلاسل الأنساب المذكورة في متى 1: 1-6 ولوقا 3: 23-34 في العهد الجديد يسوع بأنه من نسل داود، ولكن اختلفا في ذكر إنجيل متى أنه من نسل سليمان، بينما يقول إنجيل لوقا أنه من نسل ناثان بن داود.
المصير
عدلتعرّض سبط يهوذا للسبي البابلي؛ وبعد انتهاء السبي، لم يعد هناك تمييز بين القبائل، واجتمعوا على هوية مشتركة. ونظرًا لصغر سبطي شمعون وبنيامين الشريكين الأصغر في مملكة يهوذا، فإن سبط يهوذا أعطى اسمه للهوية – فأصبحوا "يهود". أشار سفر رؤيا يوحنا إلى "الأسد الذي من سبط يهوذا" القادر على فتح السفر وختومه السبعة [الإنجليزية].(رؤيا يوحنا 5: 5)
يؤكد مخطوط كيبرا ناغاست الحبشي الذي يرجع للقرن الثالث عشر الميلادي على نسب الإسرائيليين الذين عادوا مع ملكة سبأ من زيارتها للملك سليمان في القدس، الذي انحدر منهم مؤسس سلالة سليمان منليك الأول. تقول الروايات الحبشية المسيحية واليهودية على أن هؤلاء المهاجرين كانوا في الغالب من سبطي دان ويهوذا.[18]
مراجع
عدل- ^ Finkelstein، Israel (2002). The Bible Unearthed: Archaeology's New Vision of Ancient Israel and the Origin of Sacred Texts. Simon & Schuster. ص. 369–373. ISBN:9780743223386. مؤرشف من الأصل في 2022-11-11.
- ^ Kitchen, Kenneth A. (2003), On the Reliability of the Old Testament (Grand Rapids, Michigan. William B. Eerdmans Publishing Company) ((ردمك 0-8028-4960-1))
- ^ "Besides the rejection of the Albrightian 'conquest' model, the general consensus among OT scholars is that the Book of Joshua has no value in the historical reconstruction. They see the book as an ideological retrojection from a later period—either as early as the reign of Josiah or as late as the Hasmonean period." K. Lawson Younger Jr. (1 أكتوبر 2004). "Early Israel in Recent Biblical Scholarship". في David W. Baker؛ Bill T. Arnold (المحررون). The Face of Old Testament Studies: A Survey of Contemporary Approaches. Baker Academic. ص. 200. ISBN:978-0-8010-2871-7.
- ^ "It behooves us to ask, in spite of the fact that the overwhelming consensus of modern scholarship is that Joshua is a pious fiction composed by the deuteronomistic school, how does and how has the Jewish community dealt with these foundational narratives, saturated as they are with acts of violence against others?" Carl S. Ehrlich (1999). "Joshua, Judaism and Genocide". Jewish Studies at the Turn of the Twentieth Century, Volume 1: Biblical, Rabbinical, and Medieval Studies. Brill. ص. 117. ISBN:90-04-11554-4.
- ^ "Recent decades, for example, have seen a remarkable reevaluation of evidence concerning the conquest of the land of Canaan by Joshua. As more sites have been excavated, there has been a growing consensus that the main story of Joshua, that of a speedy and complete conquest (e.g. Josh. 11.23: 'Thus Joshua conquered the whole country, just as the Lord had promised Moses') is contradicted by the archaeological record, though there are indications of some destruction and conquest at the appropriate time. Adele Berlin؛ Marc Zvi Brettler (17 أكتوبر 2014). The Jewish Study Bible: Second Edition. Oxford University Press. ص. 951. ISBN:978-0-19-939387-9. مؤرشف من الأصل في 2023-02-13.
- ^ Görg، Görg. "Israel in Hieroglyphen". Biblischen Notizen. ج. 106: 21–27."
- ^ Frendo، Anthony (2002). "Two Long-Lost Phoenician Inscriptions and the Emergence of Ancient Israel". Palestine Exploration Quarterly. ج. 134: 37–43. DOI:10.1179/peq.2002.134.1.37. S2CID:161065442.
- ^ “In any case, it is now widely agreed that the so-called ‘patriarchal/ancestral period’ is a later ‘’literary’’ construct, not a period in the actual history of the ancient world. The same is the case for the ‘exodus’ and the ‘wilderness period,’ and more and more widely for the ‘period of the Judges.’" Paula M. McNutt (1 يناير 1999). Reconstructing the Society of Ancient Israel. Westminster John Knox Press. ص. 42. ISBN:978-0-664-22265-9. مؤرشف من الأصل في 2023-01-23.
- ^ “The biblical text does not shed light on the history of the highlands in the early Iron I. The conquest and part of the period of the judges narratives should be seen, first and foremost, as a Deuteronomist construct that used myths, tales, and etiological traditions in order to convey the theology and territorial ideology of the late monarchic author(s) (e.g., Nelson 1981; Van Seters 1990; Finkelstein and Silberman 2001, 72–79, Römer 2007, 83–90).” Israel Finkelstein (2013). The Forgotten Kingdom: The Archaeology and History of Northern Israel (PDF). Society of Biblical Literature. ص. 24. ISBN:978-1-58983-912-0. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2024-04-15.
- ^ ”In short, the so-called ‘period of the judges’ was probably the creation of a person or persons known as the deuteronomistic historian."J. Clinton McCann (2002). Judges. Westminster John Knox Press. ص. 5. ISBN:978-0-8042-3107-7. مؤرشف من الأصل في 2023-01-23.
- ^ "Although most scholars accept the historicity of the united monarchy (although not in the scale and form described in the Bible; see Dever 1996; Na'aman 1996; Fritz 1996, and bibliography there), its existence has been questioned by other scholars (see Whitelam 1996b; see also Grabbe 1997, and bibliography there). The scenario described below suggests that some important changes did take place at the time." Avraham Faust (1 أبريل 2016). Israel's Ethnogenesis: Settlement, Interaction, Expansion and Resistance. Routledge. ص. 172. ISBN:978-1-134-94215-2. مؤرشف من الأصل في 2023-01-23.
- ^ "In some sense most scholars today agree on a 'minimalist' point of view in this regard. It does not seem reasonable any longer to claim that the united monarchy ruled over most of Palestine and Syria." Gunnar Lebmann (2003). Andrew G. Vaughn؛ Ann E. Killebrew (المحررون). Jerusalem in Bible and Archaeology: The First Temple Period. Society of Biblical Lit. ص. 156. ISBN:978-1-58983-066-0. مؤرشف من الأصل في 2023-01-23.
- ^ "There seems to be a consensus that the power and size of the kingdom of Solomon, if it ever existed, has been hugely exaggerated." Philip R. Davies (18 ديسمبر 2014). "Why do we Know about Amos?". في Diana Vikander Edelman؛ Ehud Ben Zvi (المحررون). The Production of Prophecy: Constructing Prophecy and Prophets in Yehud. Routledge. ص. 71. ISBN:978-1-317-49031-9.
- ^ "Tracing the development of the Bible’s stories about kings from the earliest sources (now embedded in 1–2 Samuel) to the biblical books themselves, Dietrich argues that some of the stories are dated close to the time of the events they describe. His approach identifies a series of ideologies within the text, providing evidence for the development of Israelite ideas rather than grounds for dismissing the stories as fiction." Dietrich، Walter (2007). The Early Monarchy in Israel: The Tenth Century B.C.E. Translated by Joachim Vette. Leiden, The Netherlands: Brill.
- ^ Finkelstein، Israel (2002). The Bible Unearthed: Archaeology's New Vision of Ancient Israel and the Origin of Sacred Texts. Simon & Schuster. ص. 261–265. ISBN:9780743223386. مؤرشف من الأصل في 2022-11-11.
- ^ Finkelstein، Israel (2002). The Bible Unearthed: Archaeology's New Vision of Ancient Israel and the Origin of Sacred Texts. Simon & Schuster. ص. 138–140. ISBN:9780743223386. مؤرشف من الأصل في 2022-11-11.
- ^ TOW Project (9 ديسمبر 2010). "Situating the Prophets in Israel's History". Theology of Work. مؤرشف من الأصل في 2024-02-21. اطلع عليه بتاريخ 2022-10-26.
- ^ Amos 9:7: לוא כבני כשיים אתם לי בני ישראל נאם־יהוה הלוא את־ישראל העליתי מארץ מצרים ופלשתיים מכפתור וארם מקר׃ "ألستم لي كبني الكوشيين يا بني إسرائيل، يقول الرب؟ ألم أصعد إسرائيل من أرض مصر، والفلسطينيين من كفتور، والأراميين من قير؟