سوسيولوجيا التنظيمات

سوسيولوجيا التنظيمات، المجتمعات ليست وحدة متجانسة، مكونات المجتمع لا تحتل رتبة واحدة لأن الفعل الجماعي هو المعبر على أنه مجتمع مهيكل منظم، مجتمع منظم في إطار خريطة من وحدات وتشكلات تظهر من خلال أفعال، كل أشكال الفعل الجماعي ليست متساوية على مستوى الآثار التي تحدتها داخل المجتمع، إن الأفعال الجماعية متفاوتة في تأتيرها داخل المجتمع وهذا يقاس في العلاقة مع المنظومة القرار السياسي داخل المجتمع.

سوسيولوجيا التنظيمات
الرسم الاجتماعي هو مثال على التمثيل الرسومي الاختزالي بوعي للتفاعل الاجتماعي في مجموعة.
صنف فرعي من
جزء من
يمتهنه
عالم اجتماعي
الموضوع
التاريخ


البعد أو القرب من المنظومة السياسية من التأثير عن القرار هي التي تعطي الفعل الجماعي مكانة داخل تراتبية المجتمع الفعل الاجتماعي هو فعل داخل منظومة متراتبة داخل المجتمع، وبالتالي لا يمكن أن نسمي عن المجتمع بكيفية وحدة، يجب أن نميز بين المؤسسة والتنظيم بل يجب أن نحدد ما المقصود بالتنظيمات والسياسة.[1]

التنظيمات تتحدت عنها في المجال الاجتماعي

عدل

الاولى تمتاز بكونها فعل يخضع لمعايير وقواعد ويتشكل من فعل تراتبي. الفعل الجماعي هو الفعل الذي ينخرط فيه مجموعة من الافراد وهذه الوحدة تخضع لمعايير محددة من السلطة المسيطرة مثلا المقاولة تنظيم اجتماعي، دخول الأفراد إلى تنظيمات شكلية يلزمهم الخضوع إلى القيم التي يفرضها من طرف السلطة.[2][3]

  • على المستوى الخارجي علاقة التنظيمات مع القرارات داخل المجتمع هي علاقة غير مباشرة «للتنظيمات مميزات وخصائص»

المؤسسات تتحدت عنها في المجال السياسي

عدل

المؤسسات السياسية هي أيضا فعل جماعي لكن بخصائص مختلفة عن التنظيمات فهي تشتغل حسب قواعد ومعايير لكن من صنع الأفراد، تعطي لأفرادها كل الحقوق لها تأثير مباشر على المنظومة المسيطرة. أما المجتمع هو تشكيلة متناقضة من أشكال الفعل الاجتماعي الذي يدخل في علاقات غير متساوية لا وجود لتكافئ الفرص على مستوى للفعل الجماعي.[4]

إن السوسيولوجيا حاولت منذ نهاية القرن 19 حل أشكال الفعل الاقتصادي وبينت أن الفعل الاقتصادي هو فعل اجتماعي ثقافي. النشاط الاقتصادي هو النشاط الذي يضمن لعب دوره في إنتاج الخيرات داخل المجتمع ويلعب دوره في الإنتاج داخل المجتمع كلود ليفي ستروس: بين أن منظومة القرابة هي المحددة لمنظومة المجتمع وأن منظومة القرابة تلعب دورها في إعادة النسل هي أيضا تحدد مختلف أشكال الحياة بما فيها الحياة الاقتصادية.

تحتل كلمة " التنظيم " على معنايين اتنين فمن جهة تعني موضوعا اجتماعيا ومن جهة تانية تعني سيرورة اجتماعية تنبتق من الفعل الانساني كونه موضوعا اجتماعيا فإن التنظيم قائم في حياتنا اليومية ويشكل خاصيتها الأساسية فالادارة العمومية، المقاولات الصناعية والتجارية والخدماتية، الاحزاب السياسية والجمعيات بمختلف أهدافها، كلها تنظيمات ننتمي لها سواء كعاملين داخلها أو أعضاء فيها أو كمناضلين أو كزبناء لها ومواطنين لهم علاقة معها.

إنها تسميات مختلفة للتنظيم باعتباره مجموعة إنسانية مشكلة ومتراتبة، تسعى لضمان التعاون والتنسيق بين أعضائها من أجل تحقيق أهداف محددة. فحسب الأهداف المتوخاة والتقنية المستعملة وآليات السلطة والتنسيق المتعمد داخلها وأنماط المشروعية التي تقوم عليها هذه الآليات فإن التنظيمات وقائع جد مختلفة ومتنوعة بمعنى أن لها خصائص وأنماط اشتغال غير متشابهة يمكن تصنيفها وفق أنواع مختلفة فإلى جانب التصنيف الذي يعتمد المقياس القانوني للتنظيمات هناك من صنفها وفق طبيعة التقنية التي تعتمدها، أو وفق طبيعة المحيط الذي تعيش فيه أو وفق طبيعة آليات انخراط أعضائها و المحفزات التي تقودهم إلى الاندماج داخلها أو وفق الوظيفة الرئيسية التي تلعبها داخل المنظومة الاجتماعية ككل. هكذا صنفت التنظيمات حسب زاوية النظر التي يعتمدها الباحث وبدون الدخول في مناقشة مفصلة لهذه التصنيفات والوقوف عند عيوبها، فإننا نكتفي بالقول أنها تصنيفات تقوم على بديهية ترى التنظيمات. على أنها معطى طبيعي، إنها تصنيفات لها ميول التسليم بالاختلاف التنظيمات، بدل من أن تجعل هذا الاختلاف مشكلة تستدعي البحث.[5]

بتعبير آخر إنها تنظيمات لا تنتبه لما يشكل مشكلة مشتركة لجميع التنظيمات باعتبارها بنى للفعل الجماعي عليها أن تجد لها الحل كيف ما كان المحيط الذي تعيش فيه أو درجة الإكراهات المختلفة التي تتلقاها هذه المشكلة، هي ضمان استمراريتها كمجموعة منظمة من الأفراد، وبالتالي فإن تنظيم هذه المجموعة في وحدة ليس معطى بل هو مشكلة بمعنى واقعة اجتماعية تحتاج التفسير لأنها تفترض دائما قدرا معينا من الضبط والتشكل، أي أنها تحتاج تنظيم سلوكات مجموعة من الفاعلين يدخلون في علاقات تعاون ضرورية لكن في المقابل نجد كل واحد منهم يحافظ على درجة من الاستقلالية ويسعى لتحقيق مصالح ليست بالضرورة هي مصالح التنظيم. إن هذه السيرورات للتنظيم هي التي تشكل الموضوع الحقيقي والتساؤل المركزي لعلوم التنظيم فرغم أن الرؤية التنظيمات انطلقت من رؤية أذاتية فإنها تطورت شيئا فشيئا لتصبح رؤية إشكالية للواقعة التنظيمية تتعالى على التصنيفات وتتموقع في مستوى عام هو مستوى ظروف ونشأة واستمرارية آليات تضمن التعاون والفعل الجماعي للأفراد هكذا أصبحت دراسة التنظيمات دراسة عامة للفعل و للنظام الاجتماعي. إن التفكير في التنظيمات توزع علوم عديدة اهتمت بإظهار مختلف جوانبه ومستويات اشتغاله فعلم النفس وعلم الاجتماع سلط الضوء على العلاقات المتبادلة والمعقدة التي يقيمها الفرد مع البنيات واشتغال التنظيم سواء من جهة تطوره النفسي أو من جهة تنشئته الاجتماعية الاقتصاد و علوم التدبير سعيا إلى تحليل تأثير التنظيم ودينامية الداخلية على القرارات التي يتخدها لا متلاك موارد الاساسية ولفهم الفوارق الموجودة بين السلوكات الواقعية لأصحاب القرار والنظريات المعيارية للمقاولة ولاتخاذ القرار أمام العلوم السياسية فإنها حاولت فهم منطق اشتغال المنظومات البيروقراطية الكبرى وإظهار تأثيراتها على تشكل وبناء السياسات العمومية. بالنسبة لعلم الاجتماع فإنه يتساؤل حول الآليات الاجتماعية التي تسمح بنشأت واستمرار هذه الأشكال الخاصة للحياة الجماعية التي تسمى التنظيمات خاصة منها التنظيمات الكبرى كما يحاول إبراز تأثيراتها على الحياة الاجتماعية. و تعتمد دراسة التنظيمات على تصورات نظرية و منهجية متعددة و مختلفة نجد مقاربات تعتمد منطلقات (تقنوية) و وضعانية و مقاربات تعتمد منطلقات الفهم compreionssef أو مقاربات شكلية محضة تعتمد معادلات حسابية و منطقية أو مقاربات تجريبية مخبرية تعصم نتائج تجربة معينة أو مقاربات وصفية تسعى لإقامة تصنيفات أو مقاربات إمبيريقية تحليلية تريد فهم و تفسير الظواهر الملاحظة أو مقاربات معيارية لها هدف إرشاد ممارسين داخل التنظيمات بإعطائهم التنظيم الجيد و سبل الإنجاز. هكذا فإن محصلة الدراسات حول التنظيمات غنية و متعددة و تشمل مجالات التنظيم الإنتاجية النفعية كما تمثل مجالات التنظيم لأقل نفعية مثل مختلف أنواع الجمعيات التطوعية و التنظيمات الإنسانية أنه من الصعب الإدعاء بالإحاطة الشاملة و الدقيقة بكل هذا الغنى و التعدد و الاختلاف الذي أنتجته دراسات التنظيمات لذلك فإما سوف نقدم و نحلل تطور التفكير في التنظيمات من خلال أربعة مجالات أساسية تعد إشكالا ت مركزية في هذا التفكير. سنبحث أولا مكانة الفاعل و وضعية فعله l’acteur dans le contacte l’organisation فكا تنظيم يتشكل من فاعلين يجب فهم و تفسير سلوكاتهم.فكيف تصور التفكير في التنظيمات ؟ و كيف قارب السلوكات الإنسانية داخل التنظيم ؟ هدا ما سنحاول فهمه في المحور الأول.[6]

سنبحث ثانيا في مشكلة الاندماج داخل التنظيم، بمعنى بحث التحليلات و التفاسير حول الآليات التي تضمن للتنظيم حدا معينا من التعاون بين أعضائه وحدا معينا من التنبؤ بسلوكاتهم الذي بدونه لا يمكن لأي بنية تنظيمية أن تستمر، السؤال هناك سوف يكون على الشكل التاي، بأي أطر مرجعية و أية تصورات تأويلية تم تحليل و فهم و تفسير الانسجام و التلاحم التنظيميين ؟ سنبحث ثالثا في مشكلة حدود التنظيم فكل تنظيم باعتبار ظاهرة محلية يقيم حدودا بين الداخل و الخارج و يشكل علاقة تفاعلية بينهما يتعلق الأمر هنا بفهم علاقات التنظيم مع محيطه و كيف طرحت هذه العلاقة ؟ و بأي طريقة حللت أبعادها ؟ في المستوى الرابع سوف نبحث الواقعة الاجتماعية، بمعنى استقلالية البناء التنظيمي و ديناميته الداخلية التي يخلقها.السؤال هنا هو كيف تتحقق هذه الاستقلالية و هذه الدينامية ؟ و كيف تم تحليلها و بناؤها ؟.

مشكلة عقلانية السلوكات الإنسانية

عدل

طرحت مشكلة " الفعل الإنساني " من قبل تيارين اثنين حاول بشكل إطاريين مرجعيين لفهم و تفسير سلوكات الأفراد و الجماعات داخل التنظيم :

  • التيار الأول : هو الذي حاول توسيع التصور التحفيزي الذي يعطي للفرد حداً معينا من الاستقلالية " حاجيات " نفسية و له شخصية مهيكلة و معقدة تجعل من الصعب التنبأ بسلوكاته.[7]
  • التيار الثاني : هو الذي اعتمد تصورا نسبيا في تعاطيه مع المفاهيم الكلاسيكية للعقلانية، وهو التصور الذي تبلور انطلاقا من أعمال سيمون و مارك في كتابهما les organisatios.

نظرية العلاقات الإنسانية

عدل

بالنسبة لنظرية التنظيمات الكلاسيكية سواء في شقها الأنجلوساكسوني مع تايلور Taylor أو في شقها الفرنسي مع هنري فايول Henry Fayol.السلوكات الإنسانية لا تطرح أية مشكلة،و إذا كان هناك خلل ما في هذه السلوكات فإن السبب وراء ذلك هو البنية التطبيقية التي لم يتم التفكير فيها بالشكل العقلاني الجيد.إن الخلل هو غياب الاحترام و التطبيق لمبادئ التنظيم العلمي للعمل. فعلى أساس بديهة " الإنسان الاقتصادي" l’homme économique. ترى النظرية الكلاسيكية لسلوكات الفرد على أنها عقلانية و يمكن التنبأ بها، فالفرد يسعى وفق هذه البديهة إلى جني أكبر قدر من الربح. إن الفحص الإمبيريقي و العلمي لهذه البديهة هو الذي جاء نتيجة التجربة التي عرفتها مقاولة وسترن western électrique وبين تعقد السلوكات الإنسانية داخل التنظيم و اهمية اتخاذها كموضوع للدراسة و البحث. تجدر الإشارة إلى أن هذه التجربة كانت في البداية تهدف إلى مراقبة دراسة أجرين وفق التصور الكلاسيكي لقياس مدى تاثير الظروف المادية للشغل ( الإنارة ) تجدر الإشارة إلى أن هذه التجربة كانت في البداية تهدف إلى مراقبة دراسة أجريت وفق التصور الكلاسيكي لقياس مدى تأثير الظروف المادية للشغل (الإنارة مثلا) على مردودية إنتاج العمال و جاءت نتائجها غير مفهومة بفرضية الإنسان الإقتصادي و اعتبرت نتائجها خاطئة و من أجل مراقبة و تصحيح هذا الخطأ، تم القيام بسلسلة من التجارب داخل مختبر كبير لتصنيع و تجميع الأدوات الكهربائية، و شكلت مجموعات صغيرة من العمال المتطوعين ليشتغلوا في المختبر الذي يعرف نظاما خاصا من الحراسة و تم توزيع نظام الشغل عليهم ( وقت الراحة، نمط الشغل...) عبر 13 مرحلة سجلت عبرها كل المعطيات التي تهم معنويات الجماعة (علاقات بين الأفراد، درجة التضامن، درجة التواصل...) و درجة الإنتاجية من جهة أخرى، النتائج التي تم الحصول عليها في نهاية التجربة كانت نتائج تعزز و تؤكد نتائج الدراسة التي أريد مراقبتها، إذ بينت تحسن معنويات العمال من جهة و مردوديتهم الإنتاجية من جهة أخرى. و اتضح على أن هذا التحسن لا علاقة له بظروف الشغل المادية إذ في المرحلة 13 وضع العمال في نفس الظروف المادية لباقي عمال مقاولات الكل، و بقيت المردودية و المعنويات في تحسن و الأمر الذي أثر على أن هناك عوامل و أسباب أخرى تتحكم في سلوكات الأفراد و ليست هي االسعي وراء الربح، إن نتائج تجربة Western électrique لم تأتي منسجمة مع التصور الذي كان من الضروري القيام بتحليل مغاير الإنخراط و تأثير الظروف الإنسانية و الإجتماعية التي اعتمدتها التجربة (الأسلوب التشاركي للحراسة، إمكانية التفاعل بين العمال...) لإظهار أهمية العواطف و العوامل المعنوية و النفسية لفهم السلوكات الإنسانية داخل التنظيم، إن هذه النتائج قد تبدو اليوم عادية لكنها شكلت في مرحلتها تحديدا كبيرا لرؤية الإنسان داخل الشغل لم يعد الفرد يتصرف فقط بهدف الربح إنه يتصرف كذلك لتحقيق عاطفته و إشباع حاجياته النفسية، فالفرد داخل التنظيم ليس يدا فقط بل قلب كذلك حسب تعبير مشيل كروزييه، إنها نتائج أدت إلى ظهور تيار مهم في البحث هو تيار العلاقات الإنسانية الذي يسععى إلى اكتشاف تأثيرات العواطف و البحث في انعكاساتها على اشتغال التنظيم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.[8]

ولقد أطر هذا التيار العديد من الأبحاث الميدانية ذات التوجه الأنثربولوجي التي شكلت الأعمال الكبرى للسوسيولوجيا الصناعية أو لعلم الإجتماع النفسي في أمريكا الشمالية أو في أوربا. إن نتائج أبحاث العلاقات الإجتماعية جددت و أغنت المعارف حول التنظيم و السلوك الإنساني حوله كما أنها طورت الممارسات التطبيقية داخل التنظيم بتحسينها الأداء العام لمجموع التنظيم عبر الإهتمام بجودة العلاقات الإنسانية خاصة من خلال إحداث النمط التشاركي في القيادة و البرمجة. لكن في المقابل و على المستوى الثقافي و المفاهيمي جاءت نتائج هذا التيار مخالفة لكنها بقيت حبيسة التصور التايلوري للفرد داخل الشغل كاملا يجيب بشكل نمطي على المحفزات الخارجية، و استبدال هذا التيار المحفزات الإقتصادية بالمحفزات العاطفية النفسية، و أصبحت التعقيدات التي أجلتها أبحاث هذا التيار بإدخالها العواطف النفسية فب الإعتبار التنظيمي سجينة لمقولة "الطبيعة الإنسانية"، التي يمكن حصر خصائصها و التنبأ بها و التأثير عليها، هكذا انتهت نتائج أبحاث هذا التيار إلى نوع من "نفسنة دراسة التنظيمات". أدى إلى خلق تيار واسع من الدراسات في الستينات من القرن الماضي أثر بشكل كبير على أوساط تدبير الموارد البشرية، فالإعتماد على النظرية التحفيزية لماسلا و عمل هذا التيار النفساني في دراسة التنظيمات على إحداث سلسلة من الحاجيات النفسية، افترضوا على أن أعضاء التنظيم يسعون لتحقيقها و هي احتياجات متراتبة و متبدلة، وفق مراحل نمو الفرد و النمو الفردي و الإجتماعي، و ما الصعوبات و النزاعات التي تسود التنظيم سوى نتيجة عدم تلبية هذه الحاجيات بسبب وجود بنى تنظيمية مفروضة على الفرد و الجماعة، هكذا يتم التعامل مع البنى التنظيمة كمتغير مستقل على الفعل الجماعي داخل التنظيم. إن هذا التحليل الإختزالي و المعياري الذي يفرض على الأفراد داخل التنظيم نموذجا من الصحة النفسية، يأخذ كمعيار و حيد سبق لبعض رواد هذا التيار و عملوا على تجاوزه. إذ نجد بعضهم يتجه إلى التحليل الماركسي لتحليل بعض السلوكات العدوانية داخل التنظيم و يتكلم عن حاجيات مكبوتة أو مقطوعة، كما نجد البعض الآخر يدخل مفاهيم جديدة مثل مفهوم الإنسان المعقد، المر الذي جعلهم يقبلون بتعقد و تعدد المحفزات التي تميز و ضعية معينة و تجعل الفرد يتمتع بنوع من الإستقلالية أمام حاجياته، كل هذه التطورات التي عرفها تيار العلاقات الإنسانية جعلت إمكانية الخلي عن التحليل النفساني أمرا ممكنا.

مدرسة العقلانية المحدودة

عدل

إذا كانت المقاربة النفسانية للسلوك الإنساني داخل التنظيمات قد و صلت إلى طريق مسدود باعتمادها التفسيرات القبلية و التحليل المعياري، فإن أهمية الدراسات الميدانية لعملية اتخاد القرار داخل التنظيمات بتغييرها النموذج الكلاسيكي المعتمد على العقلانية الكاملة للنموذج الإمبريقي المعتمد على العقلانية المحدودة قد فرضت قلبا لنمط التفكير في كيفية اشتغال التنظيم،[9] كما حددت رؤيتها لواقع هذه الأخيرة. إن تجاوز النموذج الكلاسيكي لفهم التنظيمات كان نتيجة أعمال عدد كبير من الباحثين و على رأسهم أعمال الباحث سان سيمون، إن أعمال هذا الأخير هي التي أعطت الإنطلاقة الأولى للأسس الصلبة لبناء فهم جديد للتنظيمات و تفسير علمي لعملية اشتغالها، قائم على مفهوم العقلانية المحدودة. إن منطق سيمون له مستويات:

  • الأول: إن نظرية التنظيمات لا يمكنها أن تقوم إلا إذا قبلت بأن العقلانية الإنسانية و ليدة المحيط الذي يوجد فيه الفاعل صاحب القرار.
  • الثاني: وقوفه على ما اعتبره المنهج الغير العقلاني لعلوم السلوك التي كانت سائدة قبله. ففي نظره إن هذه العلوم تكتفي بتبيان لا عقلانية السلوكات الإنسانية بدل من أن تبحث في فهم و تفسير عقلانية هذه السلوكات التي تبدو و في الظاهر غير عقلانية، من هنا كان سيمون يعتقد أن نظرية الفعل الإرادي يجب أن تتأسس على نظرية الإختبار العقلاني للسلوك الإنساني داخل التنظيمات يجب اعتباره كسلوك مختار بطريقة عقلانية. كما يقول سيمون في كتابه Models of man يقوم النموذج الكلاسيكي ذو العقلانية الموضوعية كما يسميها سيمون على ثلاث مبادئ أساسية هي كالتالي:
  • للفاعل إمكانية التوفر على جميع المعلومات و له القدرة الغير محدودة على استعمالها.
  • يبحث الفعل على الحل الأمثل ضمن كل الإختيارات الممكنة.
  • للفاعل فكرة واضحة حول اختياراته التي تعتبر معطيات كاملة، ثابتة، مترابطة و منسجمة.

المبدأين الأولين هما اللذان صف عليهما سيمون نقده ففي سلسلة من أبحاثه برهن على أن كل اختيار يخضع لإكراهات و أن العقلانية الإنسانية محدودة بأكراهين اثنين:

  • في كون معلومات الفاعل هي دائما غير كاملة، لأن المعرفة بنتائج مختلفة، إمكانات الفعل و قيمتها في المستقبل تبقى دائما معرفة مجزءة. المر الذي يجعل و لأسباب متعددة مثل: قلة الوقت، غياب التركيز، ضعف المخيلة، عدد قليل من الحلول الممكنة هي القابلة للبحث.
  • أنه لايوجد أي فاعل قادر على الرفع من الفعالية فب اختيار الحلول إلى الحد الأقصى.[10]

فتعقد الصيرورات الذهنية التي تقتضيها هذه الفعالية تتجاوز بكثير قدرات الكائن البشري في معالجة المعلومات و التفكير في حل لها. لذلك فإن الفاعل يتصرف و فق برهان تسلسلي ينطلق من فكرة دقيقة إلى هذا الحد أو ذاك حول الحل المقبول لينطلق في بحث كل الإمكانيات المتاحة و يتوقف اختياره عند أول إمكانية تتوافق مع الفكرة التي شكلها عن الحل. هكذا ففي نظر سيمون فإن الفعل لا يبحث عن الفعالية.

المراجع

عدل
  1. ^ د.علي السلمى. تطور الفكر التنظيمي. وكالة المطبوعات، الكويت،ط الثانية.1980. ص 17
  2. ^ نواف كنعان. القيادة الإدارية. مكتبة دار الثقافة عمان ط 1- الإصدار 6. 2002.ص 49
  3. ^ إبراهيم عباس نتو وهانري.هـ.البرز. المفاهيم الأساسية في علم الإدارة. جون وايلي وأولاده، نيويورك. ديوان المطبوعات الجامعية. الجزائر 1981، ص 37
  4. ^ أحمد إسماعيل حجي. الإدارة التعليمية والإدارة المدرسية. دار الفكر العربي. القاهرة 2000، ص 124
  5. ^ سهيل إدريس. المنهل. دار الأداب. بيروت. طبعة 32. 2004
  6. ^ Encyclopaedia Universalise. Corpus V 17 Paris. p.85
  7. ^ طلعت إبراهيم لطفي. علم الإجتماع التنظيم. دار الفكر العربي. القاهرة. 2007
  8. ^ د.عبد الكريم القنبعي الإدرسي. الثقافة المقاولاتية من نظريات المدرسة إلى آليات المقاربات. منشورات مقاربات. 2013. ط 1، ص 21
  9. ^ د.عبد الكريم القنبعي الإدرسي. الثقافة المقاولاتية من نظريات المدرسة إلى آليات المقاربات. منشورات مقاربات. 2013. ط 1، ص 48
  10. ^ Joan Woodword. Management and organisation. theory and practice. Oxford university. Press. london. 1965.