قطع الشركة بين بطريركيتي موسكو والقسطنطينية 2018

بدأ قطع الشركة بين بطركيتي موسكو والقسطنطينية في 15 أكتوبر 2018 عندما قطعت الأولى الشراكة الكاملة مع الأخيرة، من دون التوافق معها.[1][2][3][4]

قطع الشركة بين بطريركيتي موسكو والقسطنطينية 2018
 
التاريخ 15 أكتوبر 2018  تعديل قيمة خاصية (P585) في ويكي بيانات
السبب استقلال الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية  تعديل قيمة خاصية (P828) في ويكي بيانات

اتُّخذ هذا الإجراء ردًّا على قرار من المجمع المقدس للبطريركية المسكونية بالقسطنطينية اتخذته في 11 أكتوبر 2018، يؤكد على نيّتها إعطاء الاستقلال للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية بأوكرانيا في المستقبل. صرّح القرار أيضًا أن المجمع المقدّس سيبدأ من فوره: إعادة تأسيس ديرٍ مسكوني في كييف، أي هيئة من الكنيسة تخضع مباشرة للبطريركية المسكونية، وإبطال «رسالة السماح» التي صدرت عام 1686 وسمحت لبطريركية موسكو ترسيم مطرانية كييف، ورفع كل الحرمانات على رجال الدين والمتدينين في الكنيستين الأرثوذكسيتين الشرقيتين الأوكرانيتين اللتي لم يكن معترفًا بهما. هاتان الكنيستان اللتان لم يكن معترفًا بهما، الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية المستقلة، والكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية - بطريركية كييف، كانتا تنافسان الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية (بطريركية موسكو)، وكانت بطريركية موسكو وغيرها من الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تعتبرهما «انشقاقيتين» (أي انفصلتا بغير وجه شرعي).

في قرارها الصادر في 15 أكتوبر 2018، منعت الكنيسة الروسية الأرثوذكسية كل أعضاء بطريركية موسكو (رجال الدين والعلمانيين) من التناول والمعمودية والزواج في أي كنيسة تحت إمرة البطريركية المسكونية. قبل ذلك، ردًّا على تنصيب أسقفين إكارخوسين من البطريركية المسكونية في أوكرانية، قرر المجمع المقدس في موسكو في 14 سبتمبر 2018، إيقاف المشاركة في أي مجامع أسقفية، أو نقاشات لاهوتية، أو هيئات متعددة الأطراف، أو أي هيئة أخرى يرأسها أو يشارك في رئاستها ممثلون للبطريركية المسكونية.[5][6][7]

يشكل الانقسام هذا جزءًا من نزاع سياسي أوسع ضمّت فيه روسيا القرم عام 2014، وتدخّلت في أوكرانيا عسكريًّا، وظهرت فيه رغبة أوكرانيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. يذكر هذا الانقسام بانقسام موسكو - القسطنطينية الذي حدث عام 1996 على السيادة القانونية على إستونيا، لكنه انحل بعد ثلاثة شهور.[8][9][10]

في 21 أكتوبر 2019، أرسل رئيس الأساقفة إيرونيموس الثاني الأثيني، وهو قائد كنيسة اليونان رسالةً إلى إبيفانيوس، وهو قائد كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية (التي تشكلت في اتحاد كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية - بطريركية كييف، وكنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية المستقلة، وأجزاء من كنيسة أوكرانيا الأرثوذكسية - بطريركية موسكو، حدث في 15 ديسمبر 2018). دعمت كنيسة اليونان كلها هذا القرار، إلا سبع مطارنة. يعني هذا القرار أن كنيسة اليونان اعترفت بالكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية. أعلنت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية من قبل أنها ستكسر الشراكة مع أي كاهن في كنيسة اليونان يشترك مع أي كاهن في الكنيسة الأوكرانية الأرثوذكسية. في يوم الأحد، الثالث من نوفمبر 2019، لم يشر البطريرك كيريل الموسكي إلى قائد كنيسة اليونان في القداس، فأزاله من الدبتك (اللوح المزدوج). في 26 ديسمبر قطعت الكنيسة الروسية الأرثوذكسية الشراكة القربانية المقدسة مع بطريرك الإسكندرية الأرثوذكسي اليوناني، ثيودور الثاني، وأوقفت ذكره، لأنه أقرّ بالكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية في الشهر السابق. في 20 نوفمبر عام 2020، أعلن المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية الروسية أن البطريرك كيريل لن يذكر رئيس الأساقفة كريسوستوموس الثاني القبرصي، لأنه ذكر إبيفانيوس في 24 أكتوبر 2020.

خلفية

عدل

تاريخ الأرثوذكسية الشرقية في أوكرانيا

عدل

بعد معمودية شعب الروس، أصبحت هذه الأراضي تحت سلطة مطرانية كييف. من المطارنة الأربعة والعشرين الذين جلسوا على كرسي المطرانية قبل الغزو المغولي، كان اثنان من أصل محلي، والبقية من الإغريق. وعادةً، كان تنصيب هؤلاء المطارنة يكون من القسطنطينية لا باختيار أساقفة الأبرشيات، وهو المنصوص عليه في القانون. بعد الغزو المغولي، أصاب الجزء الجنوبي من الروس خرابٌ شديد وتسارع تفكك شعب الروس الكييفي. قضى المطران كيريل الثالث، الذي جلس على العرش 30 عامًا، كل زمنه في أرض فلاديمير سزدال، ولم يزر كييف إلا مرتين، ولو أنه من قبل جاء من غاليسيا ورشّحه لمنصب المطرانية الأمير دانييل الغاليسي. بعد الحملة المغولية الجديدة عام 1299، انتقل المطران مكسيم أخيرًا إلى فلاديمير في الشمال، ولم يترك وراءه أسقفًا واحدًا. في عام 1303، تأسست كنيسة جديدة للروس الغربي الجنوبي في غاليسيا ورسّمت القسطنطينية المطران، ولكن وجودها انتهى عام 1355 بعد حروب غاليسيا وفولينيا. في عام 1325، انتقل المطران بيتر إلى موسكو، وشارك مشاركة عظيمة في صعود دوقية موسكو الكبرى، التي غزت الإمارات الروسية الأخرى في الشمال الشرقي لما كان من قبل روس الكييفية. وقع جزء آخر من روس الكييفية تدريجيًّا تحت حكم دوقية ليتوانيا الكبرى ومملكة بولندا، التي دخلت في نزاع ندّي مع موسكو. طلب أدواق ليتوانيا من القسطنطينية مطرانية مستقلة لهم للأرثوذكسيين الذي في أراضيهم. مع أن مطران موسكو حافظ على لقبه «مطران كييف وكل الروس»، فإنه لم يحكم الأرثوذكس خارج أراضي دوقية موسكو الكبرى. وافقت القسطنطينية مرتين على إنشاء مطرانية مستقلة لليتوانيا، ولكن هذه القرارات لم تكن دائمة، لأن القسطنطينية كانت تريد دائمًا الحفاظ على كنيسة واحدة لحكم أراضي روس الكييفية السابقة.[11][12][13][14]

في 1439، دخلت القسطنطينية في اتحاد مع الكنيسة الرومية الكاثوليكية. في موسكو، رُفض هذا القرار رفضًا صريحًا، واتُّهم المطران إزيدور، المرسَّم في القسطنطينية بالهرطقة، وسُجن، ثم نُفي. في عام 1448، انتخب مجلس رجال الدين الروسيين الشماليين الشرقيين في موسكو، بالنيابة عن الأمير فاسيلي الثاني الموسكي، جونا مطران كييف وكل الروس، من دون موافقة بطريرك القسطنطينية. في عام 1469، صرّح البطريرك ديونيسيوس الأول أن القسطنيطينية لن تقرّ بأي مطران رُسّم من دون مباركتها. في الوقت نفسه، بقي مطران كييف (الذي كان في نوفوغردوك) في سلطته تحت البطريركية المسكونية في القسطنطينية. بقي استقلال موسكو الواقعي عن القسطنطينية غير معترَف به حتى عام 1589 عندما أقرّ البطريرك جيريمياس الثاني القسطنطيني إنشاء بطريركية خامسة جديدة في موسكو. أكّد القرار بعد ذلك أربعة بطاركة شيوخ في عام 1593.[15][16][17]

أصبح بطريرك موسكو رئيس «كل روسيا والبلدان الشمالية»، وأصبحت تشرنيهيف (الأوكرانية) أبرشية من أبرشياته. ولكن، لم يكن للبطريرك سلطة على الأساقفة الأرثوذكسيين في الدولة البولندية الليتوانية، إذ بقي هؤلاء تحت حكم القسطنينية. في الوقت نفسه، مال الكهنة الأرثوذكسيون في هذه الأراضي إلى الاتحاد مع روما، على رغم معارضة أبرشياتهم، التي شكلت بعد ذلك أخويات أرثوذكسية لتحافظ على هويتها. على طريقه إلى موسكو، زار جيريمياه الثاني أراضي أوكرانيا الحالية وفعل أمرًا غير مسبوق، إذ منح الصفة المسكونية (الخضوغ المباشر للبطريرك) لكثير من الأخويات الأرثوذكسية. أثار هذا القرار غضب الأساقفة المحليين، ثمّ أعلن اتحاد بريست الذي دعمه معظم أساقفة الدولة الأرثوذكسيين، ومنهم المطران ميكيل روغوزا. رسميًّا، أُنهيت مطرانية كييف الأرثوذكسية (لا الكاثوليكية الشرقية) في الدولة الولندية الليتوانية، ولم يعد تأسيسها إلى عام 1620، إذ تعايشت مع المطرانية المتحدة. قاد هذا إلى نزاع حاد وتمردات عديدة انتهت بانتفاضة خميلنستكي.[18][19]

انظر أيضًا

عدل

مراجع

عدل
  1. ^ Meyendorff, John. "Eastern Orthodoxy". Encyclopædia Britannica Online. مؤرشف من الأصل في 2015-05-04. اطلع عليه بتاريخ 2019-05-23.
  2. ^ "Statement by the Holy Synod of the Russian Orthodox Church concerning the encroachment of the Patriarchate of Constantinople on the canonical territory of the Russian Church | The Russian Orthodox Church". mospat.ru (بالإنجليزية الأمريكية). 15 Oct 2018. Archived from the original on 2020-11-27. Retrieved 2019-07-16. To admit into communion schismatics and a person anathematized in other Local Church with all the 'bishops' and 'clergy' consecrated by him, the encroachment on somebody else's canonical regions, the attempt to abandon its own historical decisions and commitments – all this leads the Patriarchate of Constantinople beyond the canonical space and, to our great grief, makes it impossible for us to continue the Eucharistic community with its hierarch, clergy and laity. From now on until the Patriarchate of Constantinople's rejection of its anti-canonical decisions, it is impossible for all the clergy of the Russian Orthodox Church to concelebrate with the clergy of the Church of Constantinople and for the laity to participate in sacraments administered in its churches.
  3. ^ "Журналы заседания Священного Синода Русской Православной Церкви от 15 октября 2018 года | Русская Православная Церковь" [MINUTES of the meeting of the Holy Synod of the Russian Orthodox Church of 15 October 2018]. mospat.ru (بru-RU). 16 Oct 2018. Archived from the original on 2020-10-31. Retrieved 2019-07-16.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: لغة غير مدعومة (link)
  4. ^ MacFarquhar, Neil (15 Oct 2018). "Russia Takes Further Step Toward Major Schism in Orthodox Church". The New York Times (بالإنجليزية الأمريكية). ISSN:0362-4331. Archived from the original on 2021-08-17. Retrieved 2019-01-26.
  5. ^ "MINUTES of the Holy Synod's held on 14 September 2018 | The Russian Orthodox Church (MINUTE No. 69)". mospat.ru. 14 سبتمبر 2018. مؤرشف من الأصل في 2020-11-08. اطلع عليه بتاريخ 2018-10-29.
  6. ^ "JOURNALS of a Meeting of the Holy Synod of the Moscow Patriarchate on September 14, 2018". synod.com. 14 سبتمبر 2018. مؤرشف من الأصل في 2021-05-06. اطلع عليه بتاريخ 2018-10-29.
  7. ^ "Statement of the Holy Synod of the Russian Orthodox Church concerning the uncanonical intervention of the Patriarchate of Constantinople in the canonical territory of the Russian Orthodox Church | The Russian Orthodox Church". mospat.ru (بالإنجليزية الأمريكية). 14 Sep 2018. Archived from the original on 2020-11-28. Retrieved 2019-07-16.
  8. ^ Seddon، Max؛ Olearchyk، Roman (14 أكتوبر 2018). "Putin Fuffers Crimea Blowback with Orthodox Church Schism". Financial Times. London. مؤرشف من الأصل في 2021-01-27. اطلع عليه بتاريخ 2018-10-20. But both sides acknowledge the canonical dispute is a proxy for a wider battle over Kyiv's independence from Moscow. ... Speaking in front of Kyiv's oldest church on Sunday, Mr Poroshenko cast "autocephaly", or autonomy for the Ukrainian church, as part of Kyiv's broader push for integration with the west through EU and Nato membership while withdrawing from agreements with Russia
  9. ^ Volodomyr Shuvayev (19 أكتوبر 2018). "How Geopolitics Are Driving the Biggest Eastern Orthodox Schism in a Millennium". Stratfor. Agence France-Presse. مؤرشف من الأصل في 2021-08-18. اطلع عليه بتاريخ 2018-10-20.
  10. ^ Van Boom، Jason (21 أكتوبر 2018). "Moscow–Constantinople Split Highlighting Estonia's Role in Orthodox Church". ERR. مؤرشف من الأصل في 2021-01-20. اطلع عليه بتاريخ 2018-11-01.
  11. ^ Shubin 2004، صفحات 39–41.
  12. ^ Shubin 2004، صفحات 87–88.
  13. ^ Shubin 2004، صفحة 94.
  14. ^ Rowell 1994
    Sysyn 1991, p. 4–5.
  15. ^ Shubin 2004، صفحات 124–129.
  16. ^ Shubin 2004، صفحات 130–132.
  17. ^ Shubin 2005، صفحات 17, 35.
  18. ^ Bodin 2015، صفحة 16.
  19. ^ Magocsi 1996, pp. 255–256
    Zhukovsky 1988, p. 359.